للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وازْوِ لَنا الْبَعِيدَ

أَي اجْمَعْه واطْوِه. وزَوى مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ فانْزَوى: جمَعه فَاجْتَمَعَ وَقَبَضَهُ؛ قَالَ الأَعشى:

يَزيدُ، يغُضُّ الطَّرْفَ عِنْدِي، كأَنما ... زَوى بَيْنَ عَيْنَيْهِ عليَّ المَحاجِمُ

«١». فَلَا يَنْبَسِطْ مِنْ بَيْنِ عَيْنَيْكَ مَا انْزَوَى، ... وَلَا تَلْقَني إلَّا وأَنفُك راغِمُ

وانْزَوى الْقَوْمُ بعضُهم إِلَى بَعْضٍ إِذَا تدانوْا وتضامُّوا. والزَّاوِيَة: وَاحِدَةُ الزَّوَايا. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: كَانَ لَهُ أَرْضٌ زَوَتْها أَرضٌ أُخرى

أَي قرُبت مِنْهَا فضيَّقتْها، وَقِيلَ: أَحاطت بِهَا. وانْزَوَت الجِلدة فِي النَّارِ: تَقَبَّضَت واجتمعَت. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنَّ المسجدِ ل يَنْزَوِي مِنَ النُّخامة كَمَا تَنْزَوي الْجِلْدَةُ فِي النَّارِ

أَي ينضمُّ ويتقبَّضُ، وَقِيلَ: أَراد أَهْلَ الْمَسْجِدِ وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَعطاني رَيحانَتَيْن وزَوَى عَنِّي وَاحِدَةً.

وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:

وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي

أَي صرفتَه عَنِّي وقبضْتَه. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ إِنَّ الإِيمان بدأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بدأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ إِذَا فَسَدَ الناسُ وَالَّذِي نَفْسُ أَبي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ لَيُزْوَأَنَّ الإِيمانُ بَيْنَ هَذَيْنِ المَسْجِدَيْن كَمَا تأْرِزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا

قَالَ شَمِرٌ: لَمْ أَسمعْ زَوَأت بالهمز، والصواب ل يُزْوَيَنَّ أَي ليُجْمعنَّ وليُضَمَّنَّ، مِنْ زَوَيت الشَّيْءَ إِذَا جَمَعْتَهُ، وَكَذَلِكَ ليَأْرِزَنَّ أَي ليَنْضَمَّنَّ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: كلُّ شَيْءٍ تَامٍّ فَهُوَ مربَّع كَالْبَيْتِ والأَرض وَالدَّارِ وَالْبِسَاطِ لَهُ حُدُودٌ أَربع، فَإِذَا نقصَت مِنْهَا ناحيةٌ فَهُوَ أَزْوَرُ مُزَوّىً، قَالَ: وأَما الزَّوْءُ، بِالْهَمْزِ، فَإِنَّ الأَصمعي يَقُولُ زَوْءُ المَنِيّة مَا يَحْدُثُ مِنْ هَلَاكِ الْمَنِيَّةِ، والزَّوْءُ: الهَلاك. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: زَوُّ المِنيَّة أَحْداثُها؛ هَكَذَا عبَّر بِالْوَاحِدِ عَنِ الْجَمْعِ؛ قَالَ:

مِنِ ابْنِ مامَةَ كَعْبٍ ثُمَّ عَيَّ بِهِ ... زَوُّ المِنيَّة، إلا حَرَّة [حِرَّة] وقَدى

وَهَذَا الْبَيْتُ أَوْرَدَهُ الأَزهري والجوهري مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الأَعرابي الزوُّ الْقَدَرُ، يُقَالُ: قُضِي عَلَيْنَا وقُدِّرَ وحُمَّ وزُيَّ وزِيَّ؛ وَصُورَةُ إِيرَادِهِ:

وَلَا ابنُ مامَةَ كَعْب حِينَ عَيَّ بِهِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَولًا.

مِنِ ابنِ مامَةَ كعبٍ ثُمَّ عيَّ بِهِ

. قَالَ: وَالْبَيْتُ لِمَامَة الإِيادي أَبي كَعْبٍ، كَذَا ذَكَرَهُ السِّيرَافِيُّ، وَقَبْلَهُ:

مَا كَانَ مِنْ سُوقَةٍ أَسْقَى عَلَى ظَمإٍ ... خَمْراً بماءٍ، إِذَا ناجُودُها بَرَدا

وَقَوْلُهُ: وَقِدًى مِثْلُ جَمَزَى أَي تتوقَّد؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ أَيضاً للأَسود بْنِ يَعْفُر:

فَيَا لَهَفَ نَفْسِي عَلَى مالِكٍ ... وَهَلْ يَنْفَعُ اللهفُ زَوَّ القَدَرْ؟

وأَنشد أَيضاً لمُتَمِّم بْنِ نُوَيْرة:

أَفبعدَ مَنْ ولدتْ بُسَيْبَة أَشْتَكي ... زَوَّ المَنِيَّة، أَو أُرى أَتَوَجَّع؟ «٢»

. وَيُرْوَى: زَوَّ الْحَوَادِثِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَهَمَزَهُ الأَصمعي. وزَوَاهُم الدَّهرُ أَي ذَهَبَ بِهِمْ؛ قَالَ بِشْرٌ:

فَقَدْ كَانَتْ لَنَا، ولهُنَّ حَتَّى ... زَوَتْها الحربُ، أَيامٌ قِصارُ

قَالَ: زَوَتها رَدَّتها. وَقَدْ زَوَوْهم أَي رَدُّوهم. وزَوَى اللهُ عَنِّي الشرَّ أَي صَرَفه. وزَوَيْت الشَّيْءَ


(١). قوله [عندي] في الصحاح: دوني
(٢). قوله [بسيبة] هكذا في الأصل

<<  <  ج: ص:  >  >>