رُدّ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تِسْعَةُ أعْشِرَاءِ البَرَكة فِي التِّجَارَةِ وعشرٌ فِي السَّابِياءِ
، وَالْجَمْعُ السَّوَابِي؛ يُرِيدُ بِالْحَدِيثِ النّتاجَ فِي الْمَوَاشِي وكثْرَتَها. يُقَالُ: إِنَّ لِبَنِي فُلَانٍ سَابِيَاءَ أَي مَوَاشِيَ كَثِيرَةً، وَهِيَ فِي الأَصل الْجِلْدَةُ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا الْوَلَدُ، وَقِيلَ: هِيَ المَشِيمة. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ لِظَبْيانَ مَا مَالُكَ؟ قَالَ: عَطائي أَلْفان، قَالَ: اتّخِذْ مِنْ هَذا الحَرْث والسَّابِيَاءَ قبلَ أَن تَلِيَكِ غِلْمَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَا تَعُدُّ العَطاءَ معَهُم مَالًا
؛ يُرِيدُ الزِّراعة والنِّتاجَ. وَقَالَ الأَصمعي والأَحمر: السَّابِيَاءُ هُوَ الماءُ الَّذِي يَخْرُج عَلَى رَأْسِ الولَدِ إِذَا وُلِد، وَقِيلَ: السَّابِيَاءُ المَشِيمة الَّتِي تَخْرُج مَعَ الْوَلَدِ، وَقَالَ هُشَيم: مَعَنَى السَّابِيَاء فِي الْحَدِيثِ النِّتَاجُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَصل فِي السَّابِيَاء مَا قَالَ الأَصمعي، وَالْمَعْنَى يَرْجِعُ إِلَى مَا قَالَ هُشَيْم. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: إِنَّهُ قِيلَ لِلنِّتَاجِ السَّابِيَاءُ لِمَا يخرُج منَ الْمَاءِ عِنْدَ النِّتَاجِ عَلَى رَأْس الْمَوْلُودِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: إِذَا كَثُرَ نَسلُ الغَنَم سُمِّيَت السَّابِيَاءَ فيقعُ اسمُ السَّابِيَاءِ عَلَى الْمَالِ الْكَثِيرِ وَالْعَدَدِ الْكَثِيرِ؛ وأَنشد:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ بَنِي السَّابِياء، ... إِذَا قارَعُوا نَهْنَهُوا الجُهَّلا؟
وَبَنُو فُلَانٍ تَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَابِيَاءُ مِنْ مَالِهِم. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ إِنَّهُ لَذُو سابِياءَ، وَهِيَ الإِبلُ وَكَثْرَةُ الْمَالِ وَالرِّجَالِ. وَقَالَ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْبَيْتِ: إِنَّهُ وَصَفَهُمْ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ. والسَّبِيُّ: جِلْد الحَيّة الَّذِي تَسْلُخُه؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
يُجَرِّدُ سِرْبالًا عَلَيه، كأَنَّه ... سَبِيُّ هِلالٍ لَمْ تُفَتّق بنَائِقُهْ
وَفِي رِوَايَةٍ: لَمْ تُقَطَّعْ شَرانِقُهْ، وأَراد بالشَّرانِقِ مَا انْسَلَخَ مِنْ جِلْدِهِ. والإِسْبَة «١». والإِسْبَاءَةُ: الطَّرِيقَةُ مِنَ الدَّمِ. والأَسابيُّ: الطُّرق مِنَ الدَّمِ. وأَسَابيُّ الدِّمَاءِ: طَرائِقُها؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
فقامَ يَجُرُّ مِنْ عَجَلٍ، إلَيْنا ... أَسَابِيَّ النُّعاسِ مَعَ الإِزارِ
وَقَالَ سَلامة بْنُ جَنْدَل يَذْكُرُ الْخَيْلَ:
والعادِياتِ أَسَابِيُّ الدِّماءِ بِهَا، ... كأَنَّ أَعْناقَها أنْصابُ تَرْجيبِ
وَفِي رِوَايَةٍ: أَسابِيُّ الدِّياتِ؛ قَوْلُهُ: أَنصاب يُحْتَمَلُ أَن يُرِيدَ بِهِ جَمعَ النُّصُب الَّذِي كَانُوا يَعْبُدُونَهُ ويُرَجِّبُونَ لَهُ العَتائِرَ، وَيُحْتَمَلُ أَن يُرِيدَ بِهِ مَا نُصِبَ مِنَ العُود والنَّخْلة الرُّجَبِيَّة، وَقِيلَ: واحدتُها أُسْبِيَّة. والإِسْبَاءَة أَيضاً: خيطٌ مِنَ الشَّعر مُمْتَدٌّ. وأَسَابِيُّ الطَّرِيقِ: شَوْكُه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والسَّابِيَاءُ أَيضاً بيتُ اليَرْبُوع فِيمَا ذَكَرَهُ أَبو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ، قَالَ: وَهُوَ مُسْتَعَارٌ مِنَ السَّابِيَاءِ الَّذِي يخرُج فِيهِ الْمَوْلُودُ، وَهُوَ جُلَيْدَة رَقِيقَةٌ لأَن الْيَرْبُوعَ لَا يُنْفِذُه بَلْ يُبْقِي مِنْهُ هَنَةً لَا تَنْفُذ، قَالَ: وَهَذَا مِمَّا غَلَّط الناسُ فِيهِ قَدِيماً أَبا الْعَبَّاسِ وعَلِمُوا مِنْ أَينَ أُتِيَ فِيهِ، وَهُوَ أَنَّ الفَرّاء ذَكَرَ بعدَ جِحَرَة اليَرْبوع السَّابِياءَ فِي كِتَابِ الْمَقْصُورِ وَالْمَمْدُودِ فظَنَّ أَن الْفَرَّاءَ جَعَل السَّابِيَاءَ مِنْهَا وَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ؛ قَالَ: وأَيضاً فَلَيْسَ السَّابِيَاء الَّذِي يخرُج فِيهِ الْمَوْلُودُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ الغِرْس، وأَما السَّابِياءُ فَرِجْرِجَة فِيهَا مَاءٌ وَلَوْ كَانَ فِيهَا المولودُ لَغَرَّقَه الماءُ. وسَبَى الماءَ: حَفَر حَتَّى أَدركه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
(١). قوله [والإِسْبَة إلخ] هكذا في الأصل