للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثُّفْروق قِمَعُ البُسْرَة. وكلُّ رطبٍ نَدٍ فَهُوَ سَدٍ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

مُكَمِّمٌ جبَّارُها والجَعْلُ، ... يَنْحَتُّ منهنَّ السَّدى والحَصْلُ

وأَسْدَى النَّخْلُ إِذَا سَدي بُسْره. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحُكِيَ ابْنُ الأَعرابي المَدَّ فِي السَّداء البلحِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:

وجارةٍ لِي لَا يُخافُ داؤُها، ... عَظيمة جُمّتُها فَنَّاؤُها

يَعْجَلُ قَبْلَ بُسْرهِا سَداؤُها، ... فجارةُ السَّوءِ لَهَا فِداؤُها

وَقِيلَ: إِنَّ الرِّوَايَةَ فَنْواؤُها، وَالْقِيَاسُ فَنَّاؤُها. وَيُقَالُ: طلبْت أَمْراً ف أَسْدَيْتُه أَي أَصَبْتُه، وَإِنْ لَمْ تَصُبْهُ قُلْتُ أعْمَسْته. والسُّدى والسَّدى: الْمُهْمَلُ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِيهِ سَوَاءٌ. يقال: إبلٌ سُدًى أَي مُهْمَلَةٌ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: سَدًى. وأَسْدَيْتُها: أَهْمَلْتها؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلَبِيدٍ:

فَلَمْ أُسْدِ مَا أَرْعَى، وتَبْلٌ رَدَدْتُه، ... فأَنْجَحْتُ بَعْدَ اللَّهِ مِنْ خيرِ مَطْلَبِ

وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً

؛ أَيْ يُترك مُهْمَلًا غَيْرَ مأْمور وَغَيْرَ مَنْهيّ، وَقَدْ أَسْدَاه. وأَسْدَيْتُ إبِلي إسْدَاء إِذَا أَهْمَلْتها، وَالِاسْمُ السُّدَى. وَيُقَالُ: تَسَدَّى فُلَانٌ الأَمرَ إِذَا عَلَاهُ وقَهَرَه، وتَسَدَّى فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا أَخذه مِنْ فَوْقِه. وتَسَدَّى الرَّجُلُ جاريِتَه إِذَا عَلَاهَا؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

أَنَّى تَسَدَّيتِ وهْناً ذَلِكَ البِينا

يَصِفُ جَارِيَةً طَرَقَهُ خَيَالَهَا مِنْ بُعْدٍ فَقَالَ لَهَا: كَيْفَ علَوْت بَعْدَ وهْنٍ مِنَ اللَّيْلِ ذَلِكَ البَلَد؟ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:

وَمَا ابنُ حِنَّاءَةَ بالرَّثّ الوانْ، ... بوم تَسَدَّى الحَكَمُ بنُ مَرْوانْ «١»

. وتَسَدَّاه أَي عَلاه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فَلَمَّا دَنَوْتُ تَسَدَّيْتُها، ... فَثَوْباً لَبِسْتُ وثَوْباً أَجُر

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمَعْرُوفُ سُدًى، بِالضَّمِّ؛ قَالَ حُميد بْنُ ثَوْرٍ يَصِفُ إِبِلَهُ:

فَجَاءَ بِهَا الوُرَّادُ يَسْعَوْنَ حَوْلَها ... سُدًى، بيْنَ قَرْقارِ الهَدير وأعْجَما

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَتَب لِيَهُودِ تَيْماءَ أَنَّ لَهُمُ الذِّمَّة وَعَلَيْهِمِ الجِزْيةَ بِلا عَدَاء النهارُ مَدى والليلُ سُدَى

؛ السُّدى: التَّخْلِيَةُ، والمَدَى: الْغَايَةُ؛ أَراد أَنّ لَهُمْ ذَلِكَ أَبداً مَا دامَ الليلُ والنهارُ. والسَّادِي: السادِسُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذَا مَا عُدَّ أَربعةٌ فِسالٌ، ... فَزَوْجُكِ خامسٌ وحَمُوكِ سادِي

أَراد السادسَ فأبدَل مِنَ السِّينِ يَاءً كَمَا فُسّرَ فِي سِتّ. وَالسَّادِيُّ: الَّذِي يَبِيتُ حَيْثُ أَمْسَى؛ وأَنشد:

باتَ عَلَى الخَلِّ وَمَا باتَتْ سُدَى

وَقَالَ:

ويَأْمَنُ سادِينَا ويَنْساحُ سَرْحُنا، ... إِذَا أَزَلَ السادِي وَهيت المطَالع «٢».

سرا: السَّرْوُ: المُروءَةُ والشَّرَفُ. سَرُوَ يَسْرُو سَراوَةً وسَرْواً أَي صَارَ سَرِيّاً؛ الأَخيرة عن


(١). قوله [وما ابن حناءة إلخ] أورده في الأَساس بلفظ: وما أبو ضمرة
(٢). قوله [وهيت المطالع] هكذا في الأصل

<<  <  ج: ص:  >  >>