للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَشِينُ صِحاحَ البِيدِ كُلَّ عَشِيَّةٍ، ... بعُودِ السَّراء، عِنْدَ بابٍ مُحَجَّب

يَقُولُ: إِنَّهُمْ حَضَرُوا بَابَ الْمَلِكِ وَهُمْ مُتنَكِّبو قسِيِّهِمْ فَتَفَاخَرُوا، فَكُلَّمَا ذَكَرَ مِنْهُمْ رَجُلٌ مأْثَرة خَطَّ لَهَا فِي الأَرض خَطًّا، فأَيّهم وُجِدَ أَكثر خُطوطاً كَانَ أَكْثَرَ مآثِرَ فَذَلِكَ شَيْنُهم صِحَاحَ البِيد. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: والسَّراءُ ضَرْب من شَجر القِسِيِّ، الْوَاحِدَةُ سَراءَةٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: السَّراءُ، بِالْفَتْحِ مَمْدُودٌ، شَجَرٌ تُتَّخذ مِنْهُ الْقِسِيُّ؛ قَالَ زُهَيْرٌ يصفُ وَحْشاً:

ثلاثٌ كأَقْواسِ السَّراء، وناشِطٌ ... قَدِ انحَصَّ، مِنْ لَسِّ الغَمِير، جحافِلُهْ

والسَّرْوةُ: دودَةٌ تَقَعُ فِي النَّبَاتِ فتأْكلُه، وَالْجَمْعُ سَرْوٌ. وأَرضٌ مَسْرُوَّة: مِنَ السَّرْوةِ. والسِّرْوُ: الجَرادُ أَولَ مَا يَنْبُتُ حِينَ يخرُجُ مِنْ بَيْضِه. الْجَوْهَرِيُّ: والسِّرْوةُ الجَرادة أولَ مَا تكونُ وَهِيَ دُودَةٌ، وأَصله الْهَمْزُ، والسِّرْيَةُ لُغَةٌ فِيهَا. وأَرض مَسْرُوَّة ذاتُ سِرْوةٍ، وَقَدْ أَنكر عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ السِّرْوةَ فِي الجَرادة وَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ السِّرْأَةُ، بِالْهَمْزِ لَا غيرُ، مَنْ سَرَأَت الجرادةُ سَرْأً إِذَا بَاضَتْ. وَيُقَالُ: جَرادةٌ سَرُوٌّ، وَالْجُمَعُ سِرَاءٌ. وسَراةُ اليَمَنِ: مَعْرُوفَةٌ، وَالْجَمْعُ سَرَوَات؛ حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ فَقَالَ: وبالسَّرَاة شَجَرُ جَوْزٍ لَا يُرَبَّى. والسُّرَى: سَيرُ الليلِ عامَّتهِ، وَقِيلَ: السُّرَى سيرُ الليلِ كلِّه، تُذَكِّرهُ الْعَرَبُ وتؤَنِّثهُ، قَالَ: وَلَمْ يَعْرِفِ اللِّحْيَانِيُّ إِلَّا التأْنيث؛ وَقَوْلُ لَبِيدٌ:

قلتُ: هَجِّدْنا فَقَدْ طَالَ السُّرَى، ... وقَدَرْنا إنْ خَنى الليلِ غَفَل

قَدْ يَكُونَ عَلَى لُغَةِ مَنْ ذكَّر، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُريد طالَتِ السُّرَى فحذَفَ عَلَامَةَ التأْنيث لأَنه لَيْسَ بِمُؤَنَّثٍ حَقِيقِيٍّ، وَقَدْ سَرَى سُرىً وسَرْيَةً وسُرْيَةً فَهُوَ سارٍ؛ قَالَ:

أَتَوْا نَارِي فقلْتُ: مَنُونَ؟ قَالُوا: ... سُرَاةُ الجِنِّ، قلتُ: عِمُوا صَباحا

وسَرَيْت سُرىً ومَسْرىً وأَسْرَيْت بِمَعْنَى إِذَا سِرْت لَيْلًا، بالأَلف لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ، وجاءَ القرآنُ العزيزُ بِهِمَا جَمِيعًا. وَيُقَالُ: سَرَيْنا سَرْيةً وَاحِدَةً، وَالِاسْمُ السُّرْيةُ، بِالضَّمِّ، والسُّرَى وأَسْراهُ وأَسْرَى بِهِ. وَفِي الْمَثَلِ: ذَهَبُوا إسْراءَ قُنْفُذَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّ القُنْفُذَ يَسْرِي ليلَه كلَّه لَا يَنَامُ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:

حَيِّ النَّضِيرَةَ رَبَّةَ الخِدْرِ، ... أَسْرَتْ إليكَ وَلَمْ تكُنْ تُسْري «٢»

. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رأَيت بِخَطِّ الْوَزِيرِ ابْنِ الْمَغْرِبِيِّ: حَيِّ النصِيرة؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:

أَسْرَتْ إليهِ مِنَ الجَوْزاءِ سارِيَةٌ

وَيُرْوَى: سَرَت؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:

فباتَ وأَسْرَى القومُ آخرَ ليْلِهِمْ، ... وَمَا كَانَ وقَّافاً بغيرِ مُعَصَّرِ «٣»

. وَفِي حَدِيثِ

جَابِرٍ قَالَ لَهُ: مَا السُّرَى يَا جابِرُ

؛ السُّرَى: السَّيرُ بِاللَّيْلِ، أَراد مَا أَوْجبَ مَجيئَك فِي هَذَا الْوَقْتِ. واسْتَرَى كأَسْرَى؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:

وخَفُّوا فأَمّا الجامِلُ الجَوْنُ فاسْترَى ... بلَيلٍ، وأَمّا الحَيُّ بعدُ، فأَصْبَحُوا

وأَنشد ابْنُ الأَعرابي قولَ كُثَيِّرٍ:

أَرُوحُ وأَغْدُو مِنْ هَواكِ وأَسْتَرِي، ... وَفِي النَّفْسِ مِمَّا قَدْ عَلِمْتِ عَلاقِمُ


(٢). عجز البيت:
تُزجي الشمالُ عليه وابل البَرَد
(٣). قوله
وَمَا كَانَ وَقَّافًا بِغَيْرٍ معصر
هكذا في الأَصل، وتقدم في مادة عصر: بدار معصر

<<  <  ج: ص:  >  >>