للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورَدَ القَطا مِنْهَا بخَمْسٍ نَحْبِ

أَي دَأَبَتْ. والتَّنْحِيبُ: شِدَّةُ القَرَبِ للماءِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

ورُبَّ مَفازةٍ قَذَفٍ جَمُوحٍ، ... تَغُولُ مُنَحِّبَ القَرَبِ اغْتِيالا

والقَذَفُ: البرِّيَّةُ الَّتِي تَقاذَفُ بِسَالِكِهَا. وتَغول: تُهْلِكُ. وسِرْنا إِليها ثلاثَ ليالٍ مُنَحِّباتٍ أَي دائباتٍ. ونحَّبْنا سَيْرَنا: دَأَبناهُ؛ وَيُقَالُ: سارَ سَيْرًا مُنَحِّباً أَي قَاصِدًا لَا يُريد غيرَه، كأَنه جَعَلَ ذَلِكَ نَذراً عَلَى نَفْسِهِ لَا يُرِيدُ غَيْرَهُ؛ قَالَ الكُمَيْت:

يَخِدْنَ بِنَا عَرْضَ الفَلاةِ وطولَها، ... كَمَا صارَ عَنْ يُمْنى يَدَيه المُنَحِّبُ

المُنَحِّبُ: الرجلُ؛ قَالَ الأَزهري: يَقُولُ إِن لَمْ أَبْلُغْ مَكانَ كَذَا وَكَذَا، فَلَكَ يَمِيني. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي هَذَا الْبَيْتِ: أَنشده ثَعْلَبٌ وَفَسَّرَهُ، فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ حَلَف إِن لَمْ أَغْلِبْ قَطَعْتُ يَدِي، كأَنه ذهَبَ بِهِ إِلى مَعْنَى النَّذْرِ؛ قَالَ: وَعِنْدِي أَنّ هَذَا الرَّجُلَ جَرَتْ لَهُ الطَّيرُ مَيامينَ، فأَخَذ ذَاتَ اليمينِ عِلْماً مِنْهُ أَن الخَيرَ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ. قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يريدَ كَمَا صارَ بيُمْنى يَدَيه أَي يَضْرِبُ يُمْنى يَدَيْه بالسَّوْط لِلنَّاقَةِ؛ التَّهْذِيبُ، وَقَالَ لَبِيدٌ:

أَلا تَسْأَلانِ المَرْءَ مَاذَا يحاوِلُ: ... أَنَحْبٌ فيُقْضَى أَمْ ضلالٌ وباطِلُ

يَقُولُ: عَلَيْهِ نَذْرٌ فِي طُول سَعْيه. ونَحَبَه السَّيرُ: أَجْهَدَه. وناحَبَ الرجلَ: حاكمَه وفاخَرَه. وناحَبْتُ الرجلَ إِلى فلانٍ، مثلُ حاكمْتُه. وَفِي حَدِيثِ

طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنه قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: هَلْ لكَ أَن أُناحِبَكَ وتَرْفَعَ النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ، قَالَ الأَصمعي: ناحَبْتُ الرَّجلَ إِذا حاكمْتَه أَو قاضيتَه إِلى رَجُلٍ. قَالَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: ناحَبْتُه، ونافَرْتُه مثلُه. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد طلحةُ هَذَا الْمَعْنَى، كأَنه قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أُنافِرك أَي أُفاخِرك وأُحاكمُكَ، فَتَعُدُّ فَضائِلَكَ وحَسَبَكَ، وأَعُدُّ فَضائلي؛ وَلَا تَذْكُرْ فِي فَضَائِلِكَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقُرْبَ قَرَابَتِكَ مِنْهُ، فإِن هَذَا الفضلَ مُسَلَّم لَكَ، فارْفَعْه مِنَ الرأْس، وأُنافرُكَ بِمَا سِوَاهُ؛ يَعْنِي أَنه لَا يَقْصُرُ عَنْهُ، فِيمَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ المَفاخر. والنُّحْبةُ: القُرْعة، وَهُوَ مِن ذَلِكَ لأَنها كَالْحَاكِمَةِ فِي الاسْتِهامِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

لَوْ عَلِم النَّاسُ مَا فِي الصفِّ الأَوَّل، لاقْتَتَلوا عَلَيْهِ، وَمَا تَقَدَّموا إِلَّا بِنُحْبَةٍ

أَي بقُرْعةٍ. والمُناحَبَةُ: المُخاطَرَة والمراهَنة. وَفِي حَدِيثِ

أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي مُناحَبَةِ: الم غُلِبَتِ الرُّومُ

؛ أَي مُراهَنَتِه لقُرَيْشٍ، بَيْنَ الرُّومِ والفُرْس. وَمِنْهُ حَدِيثُ الأَذان «١»:

اسْتَهَموا عَلَيْهِ.

قَالَ: وأَصله مِنَ المُناحبَة، وَهِيَ المُحاكمة. قَالَ: وَيُقَالُ للقِمار: النَّحْب، لأَنه كالمُساهَمَة. التَّهْذِيبُ، أَبو سَعِيدٍ: التَّنْحِيبُ الإِكْبابُ عَلَى الشيءِ لَا يُفَارِقُهُ، وَيُقَالُ: نَحَّبَ فُلان عَلَى أَمْره. قَالَ: وَقَالَ أَعرابي أَصابته شَوكةٌ، فَنَحَّبَ عَلَيْهَا يَسْتَخْرِجُها أَي أَكَبَّ عَلَيْهَا؛ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي كُلِّ شيءٍ، وَهُوَ مُنَحِّبٌ فِي كَذَا، وَاللَّهُ أَعلم.

نخب: انْتَخَبَ الشيءَ: اختارَه. والنُّخْبَةُ: مَا اخْتَارَهُ، مِنْهُ. ونُخْبةُ القَوم ونُخَبَتُهم:


(١). قوله [وَمِنْهُ حَدِيثُ الأَذان اسْتَهَمُوا عليه إلخ] كذا بالأَصل ولا شاهد فيه إلا أن يكون سقط منه محل الشاهد فحرره ولم يذكر في النهاية، ولا في التهذيب ولا في المحكم ولا في غيرها مما بأيدينا من كتب اللغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>