للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَزْعُمُونَ أَنه مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ. وسَعَتِ الأَمَة: بَغَتْ. وسَاعَى الأَمَةَ: طَلَبَها لِلْبِغَاء، وعَمّ ثعلبٌ بِهِ الأَمة وَالْحُرَّةَ؛ وأَنشد للأَعشى:

ومِثْلِكِ خَوْدٍ بادِنٍ قَدْ طَلَبْتُها، ... وساعَيْتُ مَعْصِيّاً إِلَيْهَا وُشاتُها

قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: المُساعاةُ مُساعاةُ الأَمَة إِذَا سَاعَى بِهَا مالِكُها فضَرَب عَلَيْهَا ضَريبَةً تُؤَدِّيها بالزِّنا، وَقِيلَ: لَا تَكُونُ المُساعاةُ إلَّا فِي الإِماء، وخُصِّصْنَ بالمُساعاةِ دونَ الحرائِر لأَنُهنَّ كنَّ يَسْعَيْنَ عَلَى مَواليهِنَّ فيَكْسِبْنَ لَهُمْ بضَرائِب كَانَتْ عليهِنَّ. ونقول: زَنى الرجلُ وعَهَرَ، فَهَذَا قَدْ يَكُونُ بالحُرَّةِ والأَمَة، وَلَا تَكُونُ المُساعاةُ إِلَّا فِي الإِماءِ خاصَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:

إماءٌ ساعَيْنَ فِي الجاهِليَّةِ

؛ وأُتِيَ عُمَرُ بِرَجُلٍ سَاعَى أَمَةً.

وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا مُساعاةَ فِي الإِسْلامِ، وَمَنْ سَاعَى فِي الجاهِلِيَّةِ فَقَدْ لَحِقَ بِعَصَبَتهِ

؛ المُساعاةُ: الزِّنا. يُقَالُ: ساعَت الأَمَةُ إِذَا فَجَرَت، وَسَاعَاهَا فُلَانٌ إِذَا فَجَرَ بِهَا، وَهُوَ مُفاعَلَةٌ مِنَ السَّعْيِ، كأَنَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْعى لصاحِبه فِي حُصُولِ غَرَضهِ، فأَبْطَلَ الإِسلامُ، شرَّفه اللَّهُ، ذلِك وَلَمْ يُلْحِقِ النَّسبَ بِهَا، وعَفا عَمَّا كَانَ مِنْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِمَّنْ أُلحِقَ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ

عمرَ: أَنه أُتِيَ فِي نساءٍ أَو إماءٍ ساعَيْنَ فِي الجاهِلِيَّة فأَمَرَ بأَوْلادِهِنَّ أَنْ يُقَوَّموا عَلَى آبَائِهِمْ وَلَا يُسْتَرَقُّوا

؛ مَعْنَى التَّقْوِيمِ أَن تَكُونَ قيمَتُهم عَلَى الزانينَ لمِوالي الإِماء وَيَكُونُوا أَحراراً لاحِقي الأَنْسابِ بآبائِهِم الزُّناةِ؛ وكانَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُلْحِقُ أَولادَ الجاهِليَّة بِمَنِ ادَّعاهُمْ فِي الإِسْلامِ عَلَى شَرْطِ التَّقويم، وَإِذَا كَانَ الوَطْءُ والدَّعْوى جَمِيعًا فِي الإِسلام فدَعْواهُ باطِلَة والوَلَد مملوكٌ لأَنه عاهِرٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَهلُ الْعِلْمِ مِنَ الأَئِمَّة عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَلِهَذَا أَنكروا بأَجمَعِهم عَلَى مُعاوية فِي اسْتِلْحَاقِهِ زِيَادًا، وَكَانَ الوَطْءُ فِي الجاهِلية والدَّعْوى فِي الإِسلام. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَخبرني الأَصمعي أَنه سَمِعَ ابْنَ عَوْنٍ يَذكُر هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ:

إِنَّ المُساعاةَ لَا تكونُ فِي الحَرائِرِ إِنَّمَا تَكُونُ فِي الإِماء

؛ قَالَ الأَزهري: مِنْ هُنا أُخِذ اسْتِسْعاءُ العَبْدِ إِذَا عَتَقَ بَعْضُهُ ورَقَّ بَعْضُه، وَذَلِكَ أَنه يَسْعى فِي فَكاكِ مَا رَقَّ مِنْ رَقَبَتهِ فيعمَلُ فِيهِ ويَتَصَرَّف فِي كسْبهِ حَتَّى يَعْتِق، وَيُسَمَّى تَصَرُّفُهُ فِي كَسبه سعايَةً لأَنه يَعْمل فِيهِ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: اسْتُسْعِيَ العَبْدُ فِي رَقَبَتهِ وسُوعِيَ في غَلَّتهِ، ف المُسْتَسْعى الَّذِي يُعْتِقُه مالكُه عِنْدَ مَوْتهِ وليسَ لَهُ مالٌ غيرهُ فيَعْتِقُ ثُلُثُه ويُسْتَسْعى فِي ثُلُثَيْ رَقَبَتِهِ، والمُساعاة: أَنْ يُساعِيَه فِي حياتهِ فِي ضريبَتهِ. وَسَاعِي اليَهود والنَّصارى: هُوَ رئيسُهُم الَّذِي يَصْدرون عَنْ رَأْيِهِ وَلَا يَقْضونَ أَمْراً دونَه، وَهُوَ الَّذِي ذكَرَه حُذَيْفَةُ فِي الأَمانَةِ فَقَالَ: إِنْ كَانَ يَهودِيّاً أَوْ نَصْرانِيّاً لَيَرُدّنَّهُ عَلَيَّ ساعيهِ، وَقِيلَ: أَراد ب السَّاعي الوالِيَ عَلَيْهِ مِنَ المُسْلِمينَ وَهُوَ العامِل، يَقُولُ يُنْصِفُني مِنْهُ. وَكُلُّ مَنْ وليَ أَمر قَوْمٍ فَهُوَ ساعٍ عَلَيْهِمْ، وأَكثر مَا يُقال فِي وُلاةِ الصَّدَقة. يُقَالُ سَعى علَيها أَي عَمِلَ عَليها. وسَعْيَا، مَقْصُورٌ: اسْمُ مَوْضع؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأُخْتِ عمروٍ ذِي الكَلْب تَرْثِيهِ مِنْ قَصِيدَةٍ أَوَّلُهَا:

كُلُّ امْرئٍ بِطُوَالِ العَيْشِ مَكْذوبُ، ... وكلُّ مَنْ غالَبَ الأَيّامَ مَغْلوبُ

أَبْلِغْ بَني كاهِلٍ عَنّي مُغَلْغَلَةً، ... والقَوْمُ مِنْ دونِهِم سَعْيَا ومَرْكُوبُ

قَالَ ابْنُ جِنِّي: سَعْيَا مِنَ الشَّاذِّ عِنْدِي عَنْ قياسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>