للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقِيلَ: لَا يُشَارِي مِنَ الشَّرِّ أَي لَا يُشارِرُ، فَقَلَبَ إِحْدَى الراءَيْن يَاءً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: والأَول الْوَجْهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:

لَا تُشارِ أَخاك

فِي إِحْدَى الروايتينِ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ فِي قَوْلِهِ لَا يُشَارِي: لَا يَستَشْري مِنَ الشَّرِّ، وَلَا يُمارِي: لَا يُدافِعُ عَنِ الحقِّ وَلَا يُرَدِّدُ الكلامَ؛ قَالَ:

وَإِنِّي لأَسْتَبْقِي ابنَ عَمِّي، وأَتَّقي ... مُشَاراتَه كَيْ مَا يَرِيعَ ويَعْقِلا

قَالَ ثَعْلَبٌ: سأَلت ابْنَ الأَعرابي عَنْ قَوْلِهِ

لَا يُشَارِي وَلَا يُمارِي وَلَا يُدارِي

، قَالَ: لَا يُشَارِي مِنَ الشَّرِّ، قَالَ: وَلَا يُماري لَا يُخَاصِمُ فِي شيءٍ لَيْسَتْ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ، وَلَا يُداري أَي لَا يَدْفَعُ ذَا الحَقِّ عَنْ حَقِّه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:

إِذَا أُوقِدَتْ نارٌ لَوى جِلْدَ أَنْفِه، ... إِلَى النارِ، يَسْتَشْرِي ذَرى كلِّ حاطِبِ

ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُفَسِّرْ يَسْتَشْرِي إِلَّا أَن يَكُونَ يَلِجُّ فِي تأَمُّله. وَيُقَالُ: لَحاه اللَّهُ وشَراهُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: شَراهُ اللَّهُ وأَوْرَمَه وعَظاهُ وأَرْغَمَه. والشَّرَى: شيءٌ يخرُجُ عَلَى الجَسَد أَحمَرُ كهيئةِ الدَّرَاهِمِ، وَقِيلَ: هُوَ شِبْهُ البَثْر يَخْرُجُ فِي الْجَسَدِ. وَقَدْ شَرِيَ شَرىً، فَهُوَ شَرٍ عَلَى فَعِلٍ، وشَرِيَ جلْدُه شَرىً، قَالَ: والشَّرى خُراج صِغَارٌ لَهَا لَذْعٌ شَدِيدٌ. وتَشَرَّى القومُ: تَفَرَّقوا. واستَشْرَتْ بَيْنَهُمُ الأُمورُ: عظُمت وتفاقَمَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:

حَتَّى شَرِيَ أَمرُهما

أَي عظُم «٣». وتَفاقَمَ ولَجُّوا فِيهِ. وفَعَلَ بِهِ مَا شَرَاهُ أَي ساءَه. وإبِلٌ شَرَاةٌ كسَراةٍ أَي خِيارٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

يَذُبُّ القَضايا عَنْ شَرَاةٍ كأَنَّها ... جَماهيرُ تَحْتَ المُدْجِناتِ الهَواضِبِ

والشَّرَى: النَّاحِيَةُ، وخَصَّ بعضُهم بِهِ نَاحِيَةَ النَّهْرِ، وَقَدْ يُمَدُّ، والقَصر أَعْلى، وَالْجَمْعُ أَشْرَاءٌ. وأَشْرَاه ناحيةَ كَذَا: أَمالَهُ؛ قَالَ:

اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّا فِي تَلَفُّتِنا، ... يومَ الفِراقِ، إِلَى أَحْبابِنا صورُ

وأَنَّني حَوْثُما يُشْرِي الهَوى بَصَري، ... مِنْ حيثُ مَا سَلَكوا، أَثْني فأَنْظورُ «٤»

. يُرِيدُ أَنظُرُ فأَشْبَع ضَمَّة الظَّاءِ فنشَأَت عَنْهَا وَاوٌ. والشَّرى: الطريقُ، مقصورٌ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. والشَّرْيُ، بِالتَّسْكِينِ: الحَنْظَلُ، وَقِيلَ: شجرُ الْحَنْظَلِ؛ وَقِيلَ: ورقُه، وَاحِدَتُهُ شَرْيَةٌ؛ قَالَ رؤْبة:

فِي الزَّرْبِ لَوْ يَمْضُغُ شَرْياً مَا بَصَقْ

وَيُقَالُ: فِي فُلَانٍ طَعْمانِ أَرْيٌ وشَرْيٌ، قَالَ: والشَّرْيُ شَجَرُ الْحَنْظَلِ؛ قَالَ الأَعلم الْهُذَلِيُّ:

عَلَى حَتِّ البُرايةِ زَمْخَرِيِّ السَّواعِدِ، ... ظَلَّ فِي شَرْيٍ طِوالِ

وَفِي حَدِيثِ

أَنس فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ، قَالَ: هُوَ الشَّرْيان

؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الشَّرْيانُ والشَّرْيُ الْحَنْظَلُ، قَالَ: ونحوهُما الرَّهْوانُ والرَّهْوُ للمطمئِنِّ مِنَ الأَرض، الْوَاحِدَةُ شَرْيَةٌ. وَفِي حَدِيثِ

لَقيط: أَشْرَفْتُ عَلَيْهَا وَهِيَ شَرْيَة وَاحِدَةٌ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ، أَراد أَنَّ الأَرض اخْضَرَّتْ بالنَّبات فكأَنها حَنْظَلَةٌ وَاحِدَةٌ، قَالَ: وَالرِّوَايَةُ

شَرْبَة

، بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ. وقال أَبو حنيفة:


(٣). قوله [حَتَّى شَرِيَ أَمْرُهُمَا أَيْ عظم إلخ] عبارة النهاية: ومنه حديث المبعث
فشَرِيَ الأَمر بينه وبين الكفار حين سب الهتم
أَيْ عَظُمَ وَتَفَاقَمَ وَلَجُّوا فيه، والحديث الآخر
حتى شَرِيَ أمرهما
وحديث أم زرع إلخ
(٤). قوله حوثما: لغة في حيثما

<<  <  ج: ص:  >  >>