للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعيَّر رجلٌ عَبْدِ اللَّهِ بنَ الزُّبَيرِ بأُمِّه فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ «٤»:

وَتِلْكَ شَكاةٌ ظاهرٌ عَنْكَ عارُها

أَراد: أَن تعييرَه إِيَّاه بأَن أُمَّه كَانَتْ ذَاتَ النطاقَين لَيْسَ بعارٍ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ ظاهرٌ عَنْكَ عارُها أَي نابٍ، أَراد أَن هَذَا لَيْسَ عَارًا يَلزَق بِهِ وأَنه يُفتَخر بِذَلِكَ، لأَنها إِنما سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطاقَين لأَنه كَانَ لَهَا نِطاقانِ تحْمِلُ فِي أَحدهما الزَّادَ إِلى أَبيها وَهُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الغارِ، وَكَانَتْ تَنْتَطِق بِالنِّطَاقِ الْآخَرِ، وَهِيَ أَسماءُ بنتُ أَبي بكرٍ الصديقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. الْجَوْهَرِيُّ: ورجلٌ شَاكِي السِّلَاحِ إِذا كَانَ ذَا شَوْكةٍ وحدٍّ فِي سِلَاحِهِ؛ قَالَ الأَخفش: هُوَ مقلوبٌ مِنْ شَائِكٍ، قَالَ: والشَّكِيُّ فِي السلاحِ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ بالتُّركيَّة بش. ابْنُ سِيدَهْ: كُلُّ كَوَّةٍ لَيْسَتْ بنافِذةٍ مِشْكاةٌ. ابْنُ جِنِّي: أَلف مِشْكاةٍ منقلِبة عَنْ وَاوٍ، بِدَلِيلِ أَن الْعَرَبَ قَدْ تنْحو بِهَا مَنْحاة الْوَاوِ كَمَا يَفْعَلُونَ بِالصَّلَاةِ. التَّهْذِيبِ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: هِيَ الكَوَّةُ، وَقِيلَ: هِيَ بِلُغَةِ الْحَبَشِ، قَالَ: والمِشْكَاةُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، قَالَ: ومثلُها، وإِن كَانَ لِغَيْرِ الكَوَّةِ، الشَّكْوَةُ، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ، وَهِيَ الزُّقَيْقُ الصغيرُ أَولَ مَا يُعمَل مثلُه؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد، وَاللَّهُ أَعلم، بالمِشْكَاة قصَبة الزُّجَاجَةِ الَّتِي يُسْتَصبح فِيهَا، وَهِيَ موضِع الفَتيلة، شُبّهت بالمِشْكَاة وَهِيَ الكَوَّة الَّتِي لَيْسَتْ بنافِذَة. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: سلِّ شاكيَ فلانٍ أَي طَيِّب نفسَه وعزِّه عَمَّا عَرَاهُ. وَيُقَالُ: سلَّيت شَاكِيَ أَرض كَذَا وَكَذَا أَي تركتُها فَلَمْ أَقرَبْها. وَكُلُّ شَيْءٍ كفَفْت عَنْهُ فَقَدْ سلَّيتَ شاكِيَه. وَفِي حَدِيثِ

النَّجَاشِيِّ: إِنما يخرجُ مِنْ مِشْكاةٍ واحدةٍ

؛ المشْكاةُ: الكَوَّةُ غَيْرُ النافذةِ، وَقِيلَ: هِيَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي يعلَّق عَلَيْهَا القِنديلُ، أَراد أَن الْقُرْآنَ والإِنجيل كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، وأَنهما مِنْ شيءٍ واحدٍ. والشَّكْوةُ: جلدُ الرَّضِيعِ وَهُوَ لِلَّبنِ، فإِذا كَانَ جلدَ الجَذَعِ فَمَا فوقَه سمِّي وَطْباً. وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو: كَانَ لَهُ شَكْوةٌ يَنْقَعُ فِيهَا زَبيباً

، قَالَ: هِيَ وعاءٌ كالدَّلوِ أَو القِرْبَة الصَّغِيرَةِ، وجمعُها شُكىً. ابْنُ سِيدَهْ: الشَّكْوة مَسْكُ السَّخْلَة مَا دامَ يَرْضَعُ، فإِذا فُطِم فمَسْكُه البَدْرةُ، فإِذا أَجْذَع فمَسْكُه السِّقاءُ، وَقِيلَ: هُوَ وِعاءٌ مِنْ أَدَمٍ يُبَرَّدُ فِيهِ الماءُ ويُحبَس فِيهِ اللَّبَنُ، وَالْجَمْعُ شَكَواتٌ وشِكاءٌ. وَقَوْلُ الرَّائِدِ: وشكَّتِ النساءُ أَي اتَّخذت الشِّكاءَ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما هُوَ تَشَكَّت النساءُ أَي اتخذْن الشِّكاءَ لِمَخْضِ اللَّبَنِ لأَنه قليلٌ، يَعْنِي أَن الشَّكْوةَ صغيرةٌ فَلَا يُمْخَضُ فِيهَا إِلا القليلُ، مِنَ اللَّبَنِ. وَفِي حَدِيثِ

الْحَجَّاجِ: تَشَكَّى النساءُ

أَي اتخذْن الشُّكى للَّبنِ. وشَكَّى وتَشَكَّى واشْتَكَى إِذا اتخذَ شَكْوةً. أَبو يَحْيَى بنُ كُناسة: تَقُولُ الْعَرَبُ فِي طُلُوعِ الثُّرَيَّا بالغَدَواتِ فِي الصَّيْفِ:

طلَع النَّجمُ غُدَيَّهْ، ... ابتَغى الرَّاعي شُكيَّهْ

والشُّكَيَّة: تَصْغِيرُ الشَّكْوة، وَذَلِكَ أَن الثُّرَيّا إِذا طَلَعت هَذَا الْوَقْتَ هَبَّت البوارِحُ ورَمِضَت الأَرض وعَطِشَت الرُّعيان، فَاحْتَاجُوا إِلى شِكاءٍ يَسْتقُون فِيهَا لشفاهِهِم، ويحقِنُون اللُّبَيْنة فِي بعضِها لِيَشْرَبُوهَا قارِصةً. يُقَالُ: شَكَّى الراعي وتشَكَّى


(٤). قوله [بِأُمِّهِ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إلخ] هكذا في الأصل، وعبارة التهذيب: وَعَيَّرَ رَجُلٌ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِأُمِّهِ فَقَالَ يا ابن ذات النطاقين فتمثل بقول الهذلي: وتلك شكاة إلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>