هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي أَشار إِليه ابنُ دَرَسْتَوَيْه فِي تَصْحِيحِ كَوْنِ الإِشْلاءِ بِمَعْنَى الإِغْراءِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذا أَشْلَيْتَ كَلْبَكَ عَلَى الصيدِ، فغُلِّطَ وَلَمْ يَغْلَطْ؛ قَالَ: وَقَدْ جاءَ ذَلِكَ فِي أَشعارِ الفُصَحَاء، مِنْهُ بيتُ زيادٍ الَّذِي أَنشده الْجَوْهَرِيُّ؛ وَمِنْهُ مَا أَنشده أَبو هلالٍ الْعَسْكَرِيُّ:
أَلا أَيُّها المُشْلِي عَلَيَّ كِلابَهُ، ... وَلِي غَيْرَ أَنْ لَمْ أُشْلِهِنَّ كِلابُ
وَمِثْلُهُ مَا أَنشده حبيبُ بنُ أَوْسٍ فِي بَابِ المُلَحِ مِنَ الحَمَاسَةِ:
وإِنَّا لنَجْفُو الضَّيْفَ مِنْ غيرِ عُسْرَةٍ، ... مَخافَةَ أَن يَضْرَى بِنا فيعُودُ
ونُشْلِي عَلَيْهِ الكَلْبَ عِندَ مَحَلِّه، ... ونُبْدِي لَهُ الحِرْمانَ ثُمَّ نَزِيدُ
وَمِثْلُهُ للفَرَزْدَق يَهْجُو جَرِيرًا:
تُشْلِي كِلابَكَ، والأَذْنابُ شائلةٌ، ... عَلَى قُرُومِ عِظامِ الهَامِ والقَصَرِ
فَقَوْلُهُ: عَلَى قُرومِ يَشْهَدُ بأَنَّ الإِشْلاءَ بِمَعْنَى الإِغْراءِ، لأَنَّ عَلَى إِنما يكونُ مَعَ أَغْرَيْتُ وأَشْلَيْتُ إِذا كَانَتْ بِمَعْنَاهَا، وإِذا قلتَ أَشْلَيْتُ بِمَعْنَى دعَوْت لَمْ تحْتَجْ إِلى ذِكْر عَلَى. وَفِي حَدِيثِ
مطرِّف بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: وجَدْتُ العَبْدَ بينَ اللهِ وَبَيْنَ الشيطانِ فإِنِ اسْتَشْلاهُ ربُّه نَجّاه، وإِنْ خَلَّاه والشيطانَ هَلَكَ.
أَبو عُبَيْدٍ: اسْتَشْلاهُ أَي استَنْقَذَهُ مِنَ الهَلَكة وأَخَذَه، وَكَذَلِكَ اشْتَلاه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ حُميد الأَرْقط:
قَدِ اشْتَلانا عَفْوُه وكَرَمُهْ
أَي استنقذَنا، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الدُّعَاءِ؛ قَالَ حَاتِمُ طيءٍ يذكرُ نَاقَةً دَعَاهَا فأَقْبلتْ إِليه:
أَشْلَيْتُها باسْمِ المُراحِ فأَقبَلَتْ ... رَتَكاً، وكانتْ قبلَ ذَلِكَ تَرْسُفُ
قَالَ: فأَراد مطرِّف أَن اللَّهَ إِنْ أَغاثَ عبْدَه ودَعاه فأَنقذَه مِنَ الهَلكة فَقَدْ نَجَا، وَذَلِكَ الاسْتِشلاءُ؛ وَقَالَ القُطامي يمدحُ رجُلًا:
قتَلْتَ كَلْباً وبَكْراً واشْتَليْتَ بِنَا، ... فقدْ أَرَدْتَ بأَنْ يَسْتَجْمِعَ الْوَادِي
وَقَوْلُهُ: اشْتَليْت واستشْلَيت سواءٌ فِي الْمَعْنَى، وكلُّ منْ دعَوْتَه فَقَدَ أَشْلَيْتَه، وكلُّ مَنْ دعَوْتَه حَتَّى تُخْرِجَه وتُنَجِّيَهُ مِنَ الضِّيق أَو مِنَ الهَلكة أَو مِنْ موضِعٍ أَو مكانٍ فَقَدَ استَشْليتَه واشْتَليتَه، وأَنشد بَيْتَ القُطامي.
شما: التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي قَالَ شَما إِذا عَلا أَمْرُه، قَالَ: والشَّما الشَّمَع، والله أَعلم.
شنا: شَنُوَّةُ: لُغَةٌ فِي شَنُوءَة، وَالنَّسَبُ إِليه شَنَوِيٌّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلِهَذَا قَضَيْنَا نحنُ أَنَّ قَلْبَ الْهَمْزَةِ وَاوًا فِي شَنُوَّة مِنْ قَوْلِهِمْ أَزْد شَنُوَّة بدَلٌ لَا قِيَاسٌ، لأَنه لَوْ كَانَ تَخْفِيفًا قِياسِيّاً لَمْ يَثْبُتْ فِي النَّسَبِ وَاوًا، فإِن جَعَلْتَ تَخْفِيفَ شَنُوَّة قِياسِيّاً قُلْتَ فِي النَّسَبِ إِليه شَنَئِيٌّ عَلَى مِثَالِ شَنَعِيٍّ، لأَنك كأَنك إِنما نسبتَ إِلى شَنُوءة، فتفَطَّنْ إِن يُسِّرَ لَكَ ذَلِكَ، قَالَ: وَلَوْلَا اعتقادُنا أَنه بدَل لَمَا أَفرَدْنا لَهُ بَابًا ولَوَسِعَتْه تَرْجَمَةُ شَنَأَ في حرف الهمزة. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: رجلٌ مَشْنِيٌّ ومَشْنُوٌّ أَي مُبْغَض، لُغَةٌ فِي مَشْنُوءِ؛ وأَنشد:
أَلا يَا غُرابَ البَينِ مِمَّ تَصيحُ؟ ... فصَوْتُكَ مَشْنُوٌّ إِليَّ قَبيحُ