للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَبَّه السَّرابَ بالسُّتور الْبِيضِ، وَقِيلَ: الضُّحى مِنْ طلوعِ الشَّمْسِ إِلى أَنْ يَرْتَفِعَ النهارُ وتَبْيَضَّ الشَّمْسُ جِدًّا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الضَّحاءُ إِلى قَريب مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَالشَّمْسِ وَضُحاها

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: ضُحاها نَهارُها، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى

؛ هُوَ النهارُ كُلُّه؛ قَالَ الزَّجاج: وَضُحاها

وضِيائها، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ وَالضُّحى

: والنهارِ، وَقِيلَ: ساعةٌ مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ. والضُّحى: حينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ فَيَصْفو ضَوْءُها. والضَّحاء، بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ، إِذا ارْتَفَعَ النَّهارُ واشْتَدَّ وَقْعُ الشَّمْسِ، وَقِيلَ: هُو إِذا عَلَتِ الشَّمْسُ إِلى رُبْعِ السَّماءِ فَما بَعْدَه. والضَّحاء: ارْتِفاعُ الشَّمْس الأَعلى. والضُّحى، مَقْصُورَةٌ مؤَنثة: وَذَلِكَ حينَ تُشْرِقُ الشَّمْسُ. وَفِي حَدِيثِ

بِلَالٍ: فَلَقَدْ رأَيْتُهم يَتَرَوَّحون فِي الضَّحاء

أَي قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ النهارِ، فأَمّا الضَّحْوة فَهُوَ ارتفاعُ أَول النَّهارِ، والضُّحى، بالضَّمّ وَالْقَصْرِ، فَوْقَه، وَبِهِ سُمِّيَتْ صَلَاةُ الضُّحى. غَيْرُهُ: ضَحْوَةُ النَّهارِ بعدَ طُلوعِ الشَّمْس ثُمَ بَعْدَهُ الضُّحى، وَهِيَ حينَ تُشْرِقُ الشمسُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ يقالُ ضَحْوٌ لُغَةً فِي الضُّحى؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

طَرِبْتَ وهاجَتْكَ الحَمامُ السَّواجِعُ، ... تَميلُ بِهَا ضَحْواً غُصونٌ يَوانِعُ

قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ ضُحَيٌّ تصغيرَ ضَحْو. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الضُّحى مَقْصُورَةٌ تؤَنث وَتُذَكَّرُ، فَمَنْ أَنث ذَهَبَ إِلى أَنها جَمْعُ ضَحْوَةٍ، وَمَنْ ذكَّر ذَهَبَ إِلى أَنه اسمٌ عَلَى فُعَلٍ مِثْلُ صُرَدٍ ونُغَرٍ، وَهُوَ ظرْف غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مثلُ سَحَر، تقول: لقِيتُه ضُحًى وضُحَى، إِذا أَرَدْتَ بِهِ ضُحى يَوْمِكَ لَمْ تُنَوِّنْه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ضُحىً مصروفٌ عَلَى كلِّ حالٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ثُمَّ بَعْدَهُ الضَّحاءُ ممدودٌ مذكَّرٌ وَهُوَ عَنْدَ ارتِفاعِ النِّهَارِ الأَعلى، تَقُولُ مِنْهُ: أَقَمْتُ بِالْمَكَانِ حَتَّى أَضْحَيْت كَمَا تَقُولُ مِنَ الصَّبَاح أَصْبَحْت. وَمِنْهُ قَوْلُ

عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: أَضْحُوا بصَلاةِ الضُّحى

أَي صَلُّوها لِوَقْتهِا وَلَا تُؤَخِّروها إِلى ارْتِفاعِ الضُّحى. وَيُقَالُ: أَضْحَيْتُ بصَلاةِ الضُّحى أَي صَلَّيْتُها فِي ذَلِكَ الوقتِ. والضَّحاءُ أَيضاً: الغَداءُ، وَهُوَ الطَّعامُ الَّذِي يُتَغَدَّى بِهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يُؤْكلُ فِي الضَّحاءِ، تَقُولُ: هُمْ يَتَضَحَّوْن أَي يَتَغَدَّوْنَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الْجَعْدِيِّ:

أَعْجَلَها أَقْدُحي الضَّحَاءَ ضُحًى، ... وَهِيَ تُناصي ذَوائِبَ السَّلَمِ

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الحَكم:

بِها الصَّوْنُ: إِلَّا شَوطَها مِنْ غَداتِها ... لتَمْرينها، ثُمَّ الصَّبوحُ ضَحَاؤُها

وَفِي حَدِيثِ

سَلَمَة بْنِ الأَكْوَعِ: بَيْنا نحنُ نَتَضَحَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

، أَي نَتَغَدَّى، والأَصلُ فِيهِ أَن العرَبَ كَانُوا يَسيرونَ فِي ظَعْنِهِمْ فإِذا مَرُّوا بِبُقْعَةٍ مِنَ الأَرض فِيهَا كَلأٌ وعُشْبٌ قَالَ قائِلُهم: أَلا ضَحُّوا رُوَيْداً أَي ارْفُقوا بالإِبلِ حَتَّى تَتَضَحَّى أَي تَنالَ مِنْ هَذَا المَرْعى، ثُمَّ وُضِعَتِ التَّضْحِيَة مكانَ الرِّفْقِ لتَصِلَ الإِبل إِلى المَنْزِل وَقَدْ شَبِعَتْ، ثُمَّ اتُّسِعَ فِيهِ حَتَّى قِيلَ لكُلِّ مَنْ أَكَلَ وقتَ الضُّحى هُوَ يتَضَحَّى أَي يأَكُلُ فِي هَذَا الوقْتِ كَمَا يُقَالُ يَتَغَدَّى ويتعشَّى فِي الغَداء والعَشاء. وضَحَّيْتُ فُلَانًا أُضَحِّيه تَضْحِيَةً أَي غَدَّيْتُه؛ وأَنشد لِذِي الرُّمَّةِ:

تَرى الثَّوْرَ يَمْشي، راجِعاً مِنْ ضَحائِهِ ... بِهَا، مِثْلَ مَشْيِ الهِبْرِزِيّ المُسَرْوَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>