فقلتُ لَهَا: لَيْسَ الشُّحوبُ عَلَى الفَتى ... بعارٍ، وَلَا خَيرُ الرجالِ سَمِينُها
عليكِ براعِي ثَلَّةٍ مُسْلَحِبَّةٍ، ... يرُوحُ عَلَيْهِ مَحْضُها وحَقِينُها
«١». سَمينِ الضَّواحِي لَمْ تُؤَرِّقْه لَيْلَةً، ... وأَنْعَمَ، أَبْكارُ الهمومِ وعُونُها
الضَّوَاحِي: مَا بَدا مِنْ جَسَدِه، وَمَعْنَاهُ لَمْ تُؤَرِّقْه لَيْلَةً أَبكارُ الهمومِ وعُونُها، وأَنْعَمَ أَي وزادَ عَلَى هَذِهِ الصِّفةِ. وضَحِيتُ لِلشَّمْسِ ضَحَاءً، ممدودٌ، إِذا بَرَزْت، وضَحَيت، بِالْفَتْحِ، مثلُه، والمُسْتَقْبَلُ أَضْحَى فِي اللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، رأَى رَجُلًا مُحْرِماً قَدِ استَظَلَّ فَقَالَ أَضْحِ لِمَنْ أَحْرَمْتَ لَهُ
أَي اظْهَرْ واعْتَزِلِ الكِنَّ والظِّلَّ؛ هَكَذَا يَرْويه المُحَدِّثون، بِفَتْحِ الأَلف وَكَسْرِ الْحَاءِ، مِنْ أَضْحَيْت؛ وَقَالَ الأَصمعي: إِنما هُوَ اضْحَ لِمَن أَحْرَمْتَ لَهُ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ، مِنْ ضَحِيتُ أَضْحَى، لأَنه إِنما أَمَرَهُ بِالْبُرُوزِ لِلشَّمْسِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى
والضَّحْيانُ مِنْ كُلِّ شيءٍ: البارِزُ للشمسِ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:
وَلَوْ أَنَّ الَّذِي تَتْقَى عَلَيْهِ ... بضَحْيانٍ أَشَمَّ بِهِ الوُعُولُ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: كَانَ الْقِيَاسُ فِي ضَحْيانٍ ضَحْوانٌ لأَنه مِنَ الضَّحْوة، أَلا تَراهُ بارِزاً ظاهِراً، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى الضَّحْوةِ إِلا أَنه اسْتُخِفَّ بِالْيَاءِ، والأُنْثى ضَحْيانَةٌ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
يَكْفيك، جهلَ الأَحْمَقِ المُسْتَجْهَلِ، ... ضَحْيانَةٌ مِنْ عَقَداتِ السَّلْسَلِ
فسَّره فَقَالَ: ضَحْيَانَةٌ عَصاً نَبَتَتْ فِي الشَّمْسِ حَتَّى طَبَخَتْها وأَنْضَجَتْها، فَهِيَ أَشدُّ مَا يكونُ، وَهِيَ مِنَ الطَّلْحِ، وسَلْسَلٌ: حَبْلٌ مِنَ الدَّهْناءِ، وَيُقَالُ سَلاسِلٌ وشجَرُه طَلحٌ، فإِذا كَانَتْ ضَحْيانَةً وَكَانَتْ مِنْ طَلْحٍ ذَهَبَتْ فِي الشِّدَّةِ كلَّ مَذْهَبٍ؛ وشَدَّ مَا ضَحَيْت وضَحَوْت للشمسِ والريحِ وغيرِهِما، وَتَمِيمٌ تَقول: ضَحَوْتُ لِلشَّمْسِ أَضْحُو. وَفِي حَدِيثِ الاسْتِسْقاء:
اللَّهُمَّ ضَاحَتْ بِلادُنا واغْبَرَّتْ أَرْضُنا
أَي بَرَزَتْ لِلشَّمْسِ وظَهَرَت بِعدمِ النَّباتِ فِيهَا، وَهِيَ فَاعَلَتْ مِنْ ضَحَى مثلُ رامَتْ مِنْ رَمَى، وأَصلُها ضاحَيَتْ؛ الْمَعْنَى أَنَّ السَّنَة أَحْرَقَت النباتَ فَبَرَزَت الأَرض لِلشَّمْسِ. واسْتَضْحَى لِلشَّمْسِ: بَرَزَ لَهَا وقَعَدَ عِنْدَهَا فِي الشِّتاءِ خاصَّة. وضَواحِي الرجُلِ: مَا ضَحَا مِنْهُ للشمسِ وبَرَز كالمَنْكِبَيْنِ والكَتِفَيْنِ. وضَحَا الشيءُ يَضْحُو فَهُوَ ضاحٍ أَي بَرَزَ. والضَّاحِي مِنْ كلِّ شيءٍ: البارِزُ الظاهِرُ الَّذِي لَا يَسْتُرُه مِنْكَ حائِطٌ وَلَا غيرُه. وضَواحِي كلِّ شيءٍ: نَواحيهِ البارِزَةُ للشمسِ. والضَّوَاحِي مِنَ النَّخْلِ: مَا كَانَ خارِجَ السُّورِ، صِفةٌ غَالِبَةٌ لأَنها تَضْحَى للشمسِ.
وَفِي كتابِ النبيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأُكَيْدِرِ بنِ عبدِ المَلِكِ: لكُمُ الضامِنَةُ مِنَ النَّخْلِ ولَنا الضَّاحِيَة مِنَ البَعْلِ
؛ يَعْنِي بالضَّامِنَةِ مَا أَطَافَ بِهِ سُورُ المَدينَةِ، والضَّاحِيَة الظَّاهِرَةُ البارِزَة مِنَ النَّخيلِ الخارِجَة مِنَ العِمارَةِ الَّتِي لَا حَائِلَ دونَها، والبَعْل النَّخْل الراسِخُ عُروقُه فِي الأَرض، والضامِنَة مَا تَضَمَّنها الحدائِقُ والأَمْصار وأُحِيطَ عَلَيْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لأَبِي ذَرٍّ إِنِّي أَخافُ عليكَ مِنْ هَذِهِ الضَّاحِيَةِ
أَي الناحِيَةِ البارِزَة. والضَّوَاحِي مِنَ الشَّجَرِ: القَلِيلةُ الوَرَق الَّتِي تَبْرُزُ
(١). قوله [محضها] هكذا في بعض الأصول، وفي بعضها: مخضها، بالخاء