يَصْرفه جَعَلَهُ اسْمًا للبُقْعة، قَالَ: وَإِذَا كَانَ طُوًى وطِوًى، وَهُوَ الشَّيْءُ المَطْوِيّ مَرَّتَيْنِ، فَهُوَ صِفَةٌ بِمَنْزِلَةِ ثُنًى وثِنًى، وَلَيْسَ بعَلَمٍ لشيءٍ، وَهُوَ مَصْروفٌ لَا غيرُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
أَفي جَنْبِ بَكْرٍ قَطَّعَتْني مَلامَةً؟ ... لعَمْري لَقَدْ كَانَتْ مَلامَتُها ثِنَى
وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
أَعاذِل، إِنَّ اللَّوْمَ فِي غيرِ كُنْهِه، ... عليَّ طِوًى [طُوًى] مِنْ غَيِّك المُتَرَدِّد
ورأَيت فِي حَاشِيَةِ نُسْخَةٍ مِنْ أَمالي ابْنِ بَرِّيٍّ: إِن الَّذِي فِي شِعْرِ عَدِيّ: عَليَّ ثِنًى مِنْ غَيِّك. ابْنُ سِيدَهْ: وطُوًى وطِوًى جَبَلٌ بِالشَّامِ، وَقِيلَ: هُوَ وادٍ فِي أَصلِ الطُّورِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: طُوًى اسمُ الْوَادِي، وَيَجُوزُ فِيهِ أَربعة أَوجه: طُوَى، بِضَمِّ الطَّاءِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَبِتَنْوِينٍ، فَمَنْ نَوَّنه فَهُوَ اسْمٌ لِلْوَادِي أَو الجَبَل، وَهُوَ مذكَّر سُمِّيَ بمذكَّرٍ عَلَى فُعَلٍ نَحْوُ حُطَمٍ وصُرَدٍ، وَمَنْ لَمْ يُنَوِّنْه تركَ صَرْفَه مِنْ جِهَتَيْنِ: إِحداهما أَن يَكُونَ مَعْدُولًا عَنْ طاوٍ فَيَصِيرُ مثلَ عُمَرَ المعدولِ عَنْ عامرٍ فَلَا يَنْصَرِفُ كَمَا لَا يَنْصَرِفُ عُمَر، وَالْجِهَةُ الأُخرى أَن يَكُونَ اسْمًا للبُقْعة كَمَا قَالَ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ، وَإِذَا كُسر فَنُوِّن فَهُوَ طِوًى مثلُ مِعًى وضِلَعٍ، مصروفٌ، وَمَنْ لَمْ يُنَوِّن جعلَه اسْمًا للبُقْعة، قَالَ: وَمَنْ قرأَ طِوًى، بِالْكَسْرِ، فَعَلَى مَعْنَى المُقَدَّسة مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ كَمَا قَالَ طُرْفَةُ، وأَنشد بَيْتَ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ آنِفاً، وَقَالَ: أَرادَ اللَّوْمَ المكَرَّرَ عليَّ. وسُئل المُبَرِّد عَنْ وادٍ يُقَالُ لَهُ طُوًى: أَتَصْرِفُه؟ قَالَ: نَعَمْ لأَن إِحدى العِلَّتين قَدِ انْخَرَمت عَنْهُ. وقرأَ
ابْنُ كُثيرٍ ونافعٌ وأَبو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ الحَضْرَميّ: طُوَى وأَنا وطُوَى اذْهَبْ
، غيرَ مُجْرًى، وقرأَ الكسائيُّ وعاصمٌ وَحَمْزَةٌ وابنُ عَامِرٍ: طُوىً*، مُنَوَّناً فِي السُّورَتَيْنِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ طُوًى مِثْلُ طِوًى، وَهُوَ الشَّيْءُ المَثْنِيُّ. وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ تعالى: بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً*
؛ أَي طُوِيَ مَرَّتَيْنِ أَي قُدِّسَ، وَقَالَ الْحَسَنُ: ثُنِيَتْ فِيهِ البَرَكة والتَّقْدِيسُ مَرَّتَيْنِ. وَذُو طُوًى، مَقْصُورٌ: وادٍ بِمَكَّةَ، وَكَانَ فِي كِتَابِ أَبي زَيْدٍ مَمْدُودًا، وَالْمَعْرُوفُ أَن ذَا طُوًى مَقْصُورٌ وادٍ بِمَكَّةَ. وَذُو طُواءٍ، مَمْدُودٌ: مَوْضِعٌ بِطَرِيقِ الطائفِ، وَقِيلَ: وادٍ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَذُو طُوًى، بِضَمِّ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ الْمُخَفَّفَةِ، مَوْضِعٌ عِنْدَ بَابِ مَكَّةَ يُسْتحب لِمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ أَن يَغْتَسِلَ بِهِ. وَمَا بِالدَّارِ طُوئِيٌّ بِوَزْنِ طُوعِيٍّ وطُؤوِيٌّ بِوَزْنِ طُعْوِيٍّ أَي مَا بِهَا أَحَدٌ، وَهُوَ مذكورٌ فِي الهَمْزة. والطَّوُّ: موضِعٌ. وطَيِءٌ: قَبيلة، بِوَزْنِ فَيْعِلٍ، وَالْهَمْزَةُ فِيهَا أَصلية، وَالنِّسْبَةُ إِليها طَائِيٌّ لأَنه نُسِبَ إِلى فِعْلٍ فَصَارَتِ الْيَاءُ أَلِفاً وَكَذَلِكَ نَسَبُوا إِلى الْحَيْرَةِ حارِيّ لأَن النِّسْبَةَ إِلى فَعِلٍ فَعَلِيٌّ كَمَا قَالُوا فِي رَجُلٍ مِنَ النَّمِر نَمَرِيٌّ «٢»، قال: وتأْليفُ طَيِءٍ مِنْ هَمْزَةٍ وَطَاءٍ وَيَاءٍ، وَلَيْسَتْ مِنْ طَوَيْت فَهُوَ مَيِّتُ التَّصْرِيف. وَقَالَ بَعْضُ النسَّابِينَ: سُمِّيت طَيِءٌ طَيّئاً لأَنه أَوّلُ مَنْ طَوَى المَناهِلَ أَي جازَ مَنْهَلًا إِلى مَنْهَلٍ آخَرَ وَلِمَ يَنْزِلْ. والطاءُ: حرفُ هِجاءٍ مِنْ حُرُوفِ المُعْجَمِ، وَهُوَ حَرْفٌ مَجْهُورٌ مُسْتَعْلٍ، يَكُونُ أَصلًا وبَدَلًا، وأَلفُها تَرْجِع إِلى الْيَاءِ، إِذا هَجَّيْتَه جَزَمْتَه
(٢). قوله [من النمر نمري] تقدم لنا في مادة حير كَمَا نَسَبُوا إِلَى التَّمْرِ تمري بالتاء المثناة والصواب ما هنا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute