ثَنَّيْت إِنما تَنْتَظِم التَّثْنِيَةُ مَا فِي الْوَاحِدِ أَلْبَتَّةَ، وَهِيَ لِضَرْبٍ مِنَ الْعَدَدِ أَلْبَتَّةَ لَا يكونُ اثْنَانِ أَكثرَ مِنِ اثْنَيْنِ كَمَا تَكُونُ جَمَاعَةٌ أَكثرَ مِنْ جَمَاعَةٍ، هَذَا هُوَ الأَمر الْغَالِبُ، وإِن كَانَتِ التَّثْنِيَةُ قَدْ يُرَادُ بِهَا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَكثر مِنِ الِاثْنَيْنِ فإِن ذَلِكَ قَلِيلٌ لَا يَبْلُغُ اخْتِلَافَ أَحوال الْجَمْعِ فِي الْكَثْرَةِ والقلَّة، فَلَمَّا كَانَتْ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ هَذِهِ النِّسْبَةُ وَهَذِهِ الْمُقَارَبَةُ جَازَ لِلْخَلِيلِ أَن يَحْمِلَ الواحدَ عَلَى الْجَمْعِ، وَلَمَّا بَعُدَ الْوَاحِدُ مِنَ التَّثْنِيَةِ فِي مَعَانِيهِ ومواقِعِه لَمْ يجُزْ لِلْفَرَّاءِ أَن يحمِل الواحدَ عَلَى التَّثْنِيَةِ كَمَا حَمَلَ الْخَلِيلُ الواحدَ عَلَى الْجَمَاعَةِ. وَقَالَتْ أَعرابيَّة لِمَوْلَاهَا، وَقَدْ ضَرَبَها: رَماكَ اللهُ بداءٍ لَيْسَ لَهُ دَواءٌ إِلا أَبْوالُ العَظاءِ وَذَلِكَ مَا لَا يُوجَدُ. وعظو
عَظاه عظو
يَعْظُوه عظو
عَظْواً: اغْتاله فسَقاه مَا يَقْتُله، وَكَذَلِكَ إِذا تَناوَله بلسانِه. وفَعَل بِهِ مَا عَظَاه أَي مَا ساءَه. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: العَظا أَن تأْكلَ الإِبلُ العُنْظُوانَ، وَهُوَ شجرٌ، فَلَا تستطيعَ أَن تَجْتَرَّه وَلَا تَبْعَرَه فتَحْبَطَ بطونُها فَيُقَالُ عَظِيَ الجَمَلُ يَعْظَى عَظاً شَدِيدًا، فَهُوَ عَظٍ وعَظْيانُ إِذا أَكثر مِنْ أَكل العُنْظُوانِ فتوَلّد وجَعٌ فِي بطْنه. وعَظاهُ الشيءُ يَعْظِيه عَظْياً: ساءَه. وَمِنْ أَمثالهم: طَلبتُ مَا يُلْهيني فلَقِيتُ مَا يَعْظِيني أَي مَا يَسُوءُني؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ثُمَّ تُغاديك بِمَا يَعْظِيك
الأَزهري: فِي الْمَثَلِ أَردتَ مَا يُلْهيني فقُلْتَ مَا يَعْظِيني؛ قَالَ: يُقَالُ هَذَا لِلرَّجُلِ يريدُ أَن يَنْصَح صاحبَه فيُخْطِىءُ ويقولُ مَا يسوءُه، قَالَ:، وَمِثْلُهُ أَراد مَا يُحْظِيها فَقَالَ مَا يَعْظِيها. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: مَا تَصْنع بِي؟ قَالَ: مَا عَظَاكَ وشَرَاك وأَوْرَمَك؛ يَعْنِي مَا ساءَك. يُقَالُ: قُلْتُ مَا أَوْرَمَه وعَظَاه أَي قُلْتُ مَا أَسْخَطهُ. وعَظَى فلانٌ فُلَانًا إِذا ساءَه بأَمرٍ يأْتِيه إِليه يَعْظِيه عَظْياً. ابْنُ الأَعرابي: عظو
عَظا فلاناً عظو
يَعْظُوه عظو
عَظْواً إِذا قَطَّعَه بالغِيبَة. وعَظِي: هَلَكَ. والعَظاءَةُ: بئرٌ بَعِيدة القَعْرِ عَذبة بالمَضْجَع بَيْنَ رَمْل السُّرَّة «٣» وبِيشَة؛ عَنِ الهَجَري. وَلَقِيَ فلانٌ مَا عَجاهُ وَمَا عَظَاهُ أَي لَقيَ شِدَّة. ولَقّاه اللهُ مَا عَظَاه أَي مَا سَاءَهُ.
عفا: فِي أَسماءِ اللَّهِ تَعَالَى: العَفُوُّ، وَهُوَ فَعُولٌ مِنَ العَفْوِ، وَهُوَ التَّجاوُزُ عَنِ الذَّنْبِ وتَرْكُ العِقابِ عَلَيْهِ، وأَصلُه المَحْوُ والطَّمْس، وَهُوَ مِنْ أَبْنِية المُبالَغةِ. يُقَالُ: عَفَا يَعْفُو عَفْواً، فَهُوَ عافٍ وعَفُوٌّ، قَالَ اللَّيْثُ: العَفْوُ عَفْوُ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، عَنِ خَلْقِه، وَاللَّهُ تَعَالَى العَفُوُّ الغَفُور. وكلُّ مَنِ اسْتحقَّ عُقُوبةً فَتَرَكْتَها فَقَدْ عَفَوْتَ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ
؛ مَحا اللهُ عنكَ، مأْخوذ مِنْ قَوْلِهِمْ عفَت الرياحُ الآثارَ إِذا دَرَسَتْها ومَحَتْها، وَقَدْ عَفَت الآثارُ تَعْفُو عُفُوّاً، لفظُ اللَّازِمِ والمُتَعدِّي سواءٌ. قَالَ الأَزهري: قرأْت بخَطّ شَمِرٍ لأَبي زَيْدٍ عَفا اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْعَبْدِ عَفْواً، وعَفَتِ الريحُ الأَثر عَفَاءً فعَفَا الأَثَرُ عُفُوّاً. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَلُوا اللهَ العَفْو وَالْعَافِيَةَ والمُعافاة
، فأَما العَفْوُ فَهُوَ مَا وصفْناه مِنْ مَحْو اللَّهِ تَعَالَى ذُنوبَ عَبْدِهِ عَنْهُ، وأَما الْعَافِيَةُ فَهُوَ أَن يُعافيَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ سُقْمٍ أَو بَلِيَّةٍ وَهِيَ الصِّحَّةُ ضدُّ المَرَض. يُقَالُ: عافاهُ اللَّهُ وأَعْفَاه أَي وهَب لَهُ الْعَافِيَةَ مِنَ العِلَل والبَلايا. وأَما المُعافاةُ فأَنْ يُعافِيَكَ اللهُ مِنَ النَّاسِ ويُعافِيَهم منكَ أَي يُغْنيك عَنْهُمْ وَيُغْنِيَهِمْ عنك ويصرف أَذاهم
(٣). قوله [رمل السرة إلخ] هكذا في الأصل المعتمد والمحكم.