للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دوائرَ الْوَجْهِ، ومَن قَالَ النِّقَب، أَرادَ جمعَ نِقْبة، مِن الانتِقاب بالنِّقاب. والنِّقاب: الْعَالِمُ بالأُمور. وَمِنْ كَلَامِ الْحَجَّاجِ فِي مُناطَقَتِه للشَّعْبِيِّ: إِن كَانَ ابنُ عَبَّاسٍ لنِقاباً، فَمَا قَالَ فِيهَا؟ وَفِي رِوَايَةٍ: إِن كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لمِنْقَباً. النِّقابُ، والمِنْقَبُ، بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيفِ: الرَّجُلُ الْعَالِمُ بالأَشياءِ، الكثيرُ البَحْثِ عَنْهَا، والتَّنْقِيبِ عَلَيْهَا أَي مَا كَانَ إِلا نِقاباً. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: النِّقابُ هُوَ الرَّجُلُ العَلَّامة؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ الرَّجُل العالمُ بالأَشياءِ، المُبَحِّث عَنْهَا، الفَطِنُ الشَّديدُ الدُّخُولِ فِيهَا؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَر يَمْدَحُ رَجُلًا:

نَجِيحٌ جَوادٌ، أَخُو مَأْقِطٍ، ... نِقابٌ، يُحَدِّثُ بالغائِبِ

وَهَذَا الْبَيْتُ ذِكْرَهُ الْجَوْهَرِيُّ: كَرِيمٌ جَوَادٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالرِّوَايَةُ:

نَجِيحٌ مَلِيحٌ، أَخو مأْقِطٍ

قَالَ: وإِنما غَيَّرَهُ مَنْ غَيَّرَهُ، لأَنه زَعَمَ أَن الْمَلَاحَةَ الَّتِي هِيَ حُسْن الخَلْق، لَيْسَتْ بِمَوْضِعٍ لِلْمَدْحِ فِي الرِّجَالِ، إِذ كَانَتِ المَلاحة لَا تَجْرِي مَجْرَى الْفَضَائِلِ الْحَقِيقِيَّةِ، وإِنما المَليحُ هُنَا هُوَ المُسْتَشْفَى برأْيه، عَلَى مَا حُكِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو، قَالَ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: قريشٌ مِلْح الناسِ أَي يُسْتَشْفَى بِهِمْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: المَلِيحُ فِي بَيْتِ أَوْسٍ، يُرادُ بِهِ المُسْتَطابُ مُجالَسَتُه. ونَقَّبَ فِي الأَرض: ذَهَبَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ

؟ قَالَ الفَرَّاء: قرأَه القُراء فَنَقَّبوا «٢»، مُشَدَّداً؛ يَقُولُ: خَرَقُوا البلادَ فَسَارُوا فِيهَا طَلَباً للمَهْرَبِ، فَهَلْ كَانَ لَهُمْ محيصٌ مِنَ الْمَوْتِ؟ قَالَ: وَمَنْ قرأَ فنَقِّبوا، بِكَسْرِ الْقَافِ، فإِنه كَالْوَعِيدِ أَي اذْهَبُوا فِي الْبِلَادِ وجِيئُوا؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: فنَقِّبُوا، طَوِّفُوا وفَتِّشُوا؛ قَالَ: وقرأَ الْحَسَنُ فنَقَبُوا، بِالتَّخْفِيفِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

وَقَدْ نَقَّبْتُ فِي الآفاقِ، حَتَّى ... رَضِيتُ مِنَ السَّلامةِ بالإِيابِ

أَي ضَرَبْتُ فِي البلادِ، أَقْبَلْتُ وأَدْبَرْتُ. ابْنُ الأَعرابي: أَنْقَبَ الرجلُ إِذا سَارَ فِي الْبِلَادِ؛ وأَنْقَبَ إِذا صَارَ حاجِباً؛ وأَنْقَبَ إِذا صَارَ نَقِيباً. ونَقَّبَ عَنِ الأَخْبار وَغَيْرِهَا: بَحَثَ؛ وَقِيلَ: نَقَّبَ عَنِ الأَخْبار: أَخْبر بِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِني لَمْ أُومَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عَنْ قُلُوبِ الناسِ

أَي أُفَتِّشَ وأَكْشِفَ. والنَّقِيبُ: عَريفُ الْقَوْمُ، والجمعُ نُقَباءُ. والنَّقيب: العَريفُ، وَهُوَ شاهدُ الْقَوْمِ وضَمِينُهم؛ ونَقَبَ عَلَيْهِمْ يَنْقُبُ نِقابةً: عَرَف. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً

. قَالَ أَبو إِسحاق: النَّقِيبُ فِي اللغةِ كالأَمِينِ والكَفِيلِ. وَيُقَالُ: نَقَبَ الرجلُ عَلَى القَومِ يَنْقُبُ نِقابةً، مِثْلَ كَتَبَ يَكْتُبُ كِتابةً، فَهُوَ نَقِيبٌ؛ وَمَا كَانَ الرجلُ نَقِيباً، وَلَقَدْ نَقُبَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: إِذا أَردتَ أَنه لَمْ يَكُنْ نَقِيباً ففَعَل، قُلْتَ: نَقُبَ، بِالضَّمِّ، نَقابة، بِالْفَتْحِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: النِّقَابَةُ، بِالْكَسْرِ، الِاسْمُ، وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ، مِثْلُ الوِلاية والوَلاية. وَفِي حَدِيثِ

عُبادة بْنِ الصَّامِتِ: وَكَانَ مِنَ النُّقباءِ

؛ جَمْعُ نَقِيبٍ، وَهُوَ كالعَرِيف عَلَى الْقَوْمِ، المُقَدَّم عَلَيْهِمُ، الَّذِي يَتَعَرَّف أَخْبَارَهم، ويُنَقِّبُ عَنْ أَحوالهم أَي يُفَتِّشُ. وَكَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ جَعلَ، ليلةَ العَقَبَةِ، كلَّ وَاحِدٍ مِنَ الجماعة الذين


(٢). قوله [قرأه الفراء إلخ] ذكر ثلاث قراءات: نقبوا بفتح القاف مشددة ومخخفة وبكسرها مشددة، وفي التكملة رابعة وهي قراءة مقاتل بن سليمان فنقبوا بكسر القاف مخففة أي ساروا في الأنقاب حتى لزمهم الوصف به.

<<  <  ج: ص:  >  >>