للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأَنشدني أَعرابي:

هَذا أَحَقُّ مَنْزِلٍ بالتَّرْكِ، ... الذِّئبُ يَعْوِي والغُرابُ يَبْكي

وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَوَى الكلْبُ والذِّئبُ وابنُ آوَى يَعْوِي عُواءً صاحَ. وَهُوَ يُعَاوِي الكلابَ أَي يُصايِحُها. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَعلم العِواء فِي الْكِلَابِ لَا يَكُونُ إِلَّا عِندَ السِّفادِ. يُقَالُ: عاوَتِ الكِلاب إِذا اسْتَحْرَمَتْ، فإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلسِّفَادِ فَهُوَ النُّباحُ لَا غَيْر؛ قَالَ وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ:

جَزَى رَبُّه عَنِّي عَدِيَّ بْنَ حاتِمٍ ... جَزاءَ الكِلابِ العَاوِيَاتِ، وقَدْ فَعَلْ

وَفِي حَدِيثِ

حَارِثَةَ: كأَني أَسْمَعُ عُوَاءَ أَهل النَّارِ

أَي صِياحَهُمْ. قَالَ ابْنُ الأَثير: العُوَاءُ صَوْتُ السِّباع، وكأَنَّه بالذئْبِ والكَلْبِ أَخَصُّ. والعَوَّةُ: الصَّوْتُ، نادِر. والعَوَّاءُ، ممدُود: الكَلْب يَعْوِي كَثيراً. وكَلْبٌ عَوّاءٌ: كَثِيرُ العُواء. وَفِي الدُّعاء عَلَيْهِ: عَلَيْهِ العَفاءُ والكَلْبُ العَوَّاءُ. والمُعَاوِيَة: الكَلْبَة المُسْتَحْرِمَةُ تَعْوي إِلى الْكِلَابِ إِذا صَرَفَتْ ويَعْوينَ، وَقَدْ تَعاوَتِ الكِلابُ. وعاوَت الكِلابُ الكَلْبَة: نابَحَتْها. ومُعاوِيَةُ: اسْمٌ، وَهُوَ مِنْهُ، وَتَصْغِيرُ مُعَاوِيَة مُعَيَّة؛ هَذَا قَوْلُ أَهل الْبَصْرَةِ، لأَن كلَّ اسْمٍ اجْتمَع فِيهِ ثَلَاثُ ياءاتٍ أُولاهُنَّ ياءُ التصغير خُذِفَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، فإِن لَمْ تَكُنْ أُولاهن يَاءُ التَّصْغِير لَمْ يُحْذَف مِنْهُ شيءٌ، تَقُولُ فِي تَصْغِيرِ مَيَّة مُيَيَّة، وأَما أَهلُ الْكُوفَةِ فَلَا يَحْذِفُونَ مِنْهُ شَيْئًا يَقُولُونَ فِي تَصْغِيرِ مُعَاوِيَة مُعَيِّيَة، عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ أُسَيِّد، ومُعَيْوَة، عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ أُسَيْوِد؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تَصْغِيرُ مُعَاوِيَة، عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ، مُعَيْوِيَة عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ فِي أَسْودَ أُسَيْوِد، ومُعَيَّة عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ أُسَيِّدٌ، ومُعَيِّيَة عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ فِي أَحْوَى أُحَيِّيٌ، قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبُ أَبي عَمْرِو بْنِ العَلاء، قَالَ: وقولُ الجَوْهري ومُعَيْوة عَلَى قَوْلِ مَنْ يقولُ أُسَيْوِد غَلَطٌ، وَصَوَابُهُ كَمَا قُلنا، وَلَا يَجُوزُ مُعَيْوة كَمَا لَا يَجُوزُ جُرَيْوة فِي تَصْغِيرِ جِرْوة، وإِنما يَجُوزُ جُرَيَّة. وَفِي المَثَل: لَوْ لَك أَعْوِي مَا عَوَيْتُ؛ وأَصله أَنَّ الرجلَ كَانَ إِذا أَمْسى بالقَفْرِ عَوَى ليُسمِعَ الكِلابَ، فَإِنْ كَانَ قُرْبَه أَنِيسٌ أَجابَتْه الكلابُ فاستَدَلَّ بعُوائها، فعَوَى هَذَا الرجلُ فجاءَهُ الذِّئْب فَقَالَ: لَو لَك أَعْوِي مَا عَوَيْتُ، وَحَكَاهُ الأَزهري. وَمِنْ أَمثالهم فِي المُستَغِيث بمَنْ لَا يُغِيثُه قولُهم: لَوْ لَكَ عَوَيْتُ لَمْ أَعْوِهْ؛ قَالَ: وأَصله الرجلُ يَبِيتُ بالبَلَدِ القَفْرِ فيَستَنْبِحُ الكِلابَ بعُوائِه ليَسْتَدِلَّ بنُباحِها عَلَى الحَيِّ، وَذَلِكَ أَنّ رَجُلًا باتَ بالقَفْرِ فاستَنْبَح فأَتاه ذِئْبٌ فَقَالَ: لَوْ لَكَ عَوَيْتُ لَمْ أَعْوِهْ، قَالَ: وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا دَعا قَوْمًا إِلى الفِتنة، عَوَى قَوْمًا فاستُعْوُوا، وَرَوَى الأَزهري عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه قَالَ: هُوَ يَستَعْوي القَوْمَ ويَسْتَغْويهم أَي يَستَغِيثُ بهمْ. وَيُقَالُ: تَعَاوَى بنُو فلانٍ عَلَى فلانٍ وتَغاوَوْا عَلَيْهِ إِذا تَجَمَّعُوا عَلَيْهِ، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ. وَيُقَالُ: استَعْوَى فُلَانٌ جَماعَةً إِذا نَعَقَ بِهِمْ إِلى الفِتنَة. وَيُقَالُ للرجُل الحازمِ الجَلْدِ: مَا يُنْهى وَلَا يُعْوَى. وَمَا لَهُ عاوٍ وَلَا نابحٌ أَي مَا لَهُ غَنَم يَعْوي فِيهَا الذئبُ ويَنْبَح دُونَهَا الكَلب، ورُبَّما سُمِّي رُغاءُ الفصِيلِ عُواءً إِذا ضَعُف؛ قَالَ:

بِهَا الذِّئْبُ مَحزُوناً كأَنَّ عُواءَهُ ... عُواءُ فَصِيلٍ، آخِرَ الليْلِ، مُحْثَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>