للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغَدٌ: أَصلُه غَدْوٌ، حَذَفُوا الواوَ بِلَا عوضٍ، ويدخلُ فِيهِ الأَلفُ واللامُ لِلتَّعْرِيفِ؛ قَالَ:

الْيَوْمَ عَاجِلُهُ وَيَعْذِلُ فِي الْغَدِ «١»

وَقَالَ آخَرُ: «٢»

إِنْ كانَ تَفْرِيقُ الأَحِبَّةِ فِي غَدِ

وغدْوٌ: هُوَ الأَصلُ كَمَا أَتى بِهِ لَبِيد، والنِّسبةُ إِلَيْهِ غَدِيٌّ، وَإِنْ شِئْتَ غَدَوِيٌّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلرَّاجِزِ:

لَا تَغْلُواها وادْلُواها دَلْوَا، ... إنَّ مَعَ اليَوْمِ أَخاه غَدْوَا

وَفِي حَدِيثِ

عبدِ المطلبِ والفيلِ:

لَا يَغْلِبَنّ صَليبُهُم، ... ومِحالُهمْ، غَدْواً، مِحالَكْ

الغَدْوُ: أَصلُ الغَدِ، وَهُوَ اليومُ الَّذِي يأْتي بعدَ يومِك، فحُذِفَت لامُه وَلَمْ يُسْتْعمَلْ تَامًّا إلَّا فِي الشِّعْرِ، وَلَمْ يُرد عبدُ المطَّلب الغَدَ بعَيْنِه، وَإِنَّمَا أَرادَ القريبَ مِنَ الزَّمَانِ. والغَدُ ثَانِي يومكَ، محذوفُ اللامِ، وَرُبَّمَا كُنِيَ بِهِ عَنِ الزَّمن الأَخِير. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ

؛ يَعْنِي يومَ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: عَنَى يومَ الْفَتْحِ. وَفِي حَدِيثِ قَضَاءِ الصلَواتِ:

فلْيُصَلِّها حِينَ يذكُرُها، وَمِنَ الغَدِ لِلْوَقْتِ

؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَا أَعْلَمُ أَحداً مِنَ الفُقهاء قَالَ إنَّ قَضَاءَ الصلَواتِ يؤخَّر إِلَى وقتِ مثْلِها مِنَ الصلواتِ ويُقْضى؛ قَالَ: ويُشْبِه أَن يكونَ الأَمرُ اسْتِحْباباً ليَحُوزَ فَضِيلة الوقتِ فِي القَضاء، وَلَمْ يُرِدْ إِعَادَةَ الصَّلَاةِ المَنْسِية حَتَّى تُصَلَّى مَرَّتَين، وَإِنَّمَا أَراد أَن هَذِهِ الصَّلَاةَ وَإِنِ انْتَقل وقتُها للنِّسيْان إِلَى وقتِ الذُّكْر فَإِنَّهَا باقِيةٌ عَلَى وَقْتِهَا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ الذُّكْرِ، لئلَّا يَظُنَّ ظانٌّ أَنها قَدْ سَقَطت بانِقضاءِ وَقْتِهَا أَو تَغَيّرَتْ بتَغَيُّرِه. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

، قَالَ: قَدَّمَتْ لِغَدٍ بِغَيْرِ وَاوٍ. فَإِذَا صَرَّفوها قَالُوا غَدَوْت أَغْدوُ غَدْواً وغُدُوّاً، فأَعادوا الواوَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الغُدُوُّ جَمْعٌ مثلُ الغَدَواتِ، والغُدَى جمعُ غُدْوَة؛ وأَنشد:

بالغُدى والأَصائِلِ

وَقَالُوا: إِنِّي لآتِيه بالغَدَايا والعَشايا، والغَدَاةُ لَا تُجْمع عَلَى الغَدايا، وَلَكِنَّهُمْ كسَّروه عَلَى ذَلِكَ لِيُطَابِقُوا بَيْنَ لَفظِه ولَفْظِ الْعَشَايَا، فَإِذَا أَفْردُوه لَمْ يكَسِّروه. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِمْ: إِنِّي لآتيِه بالغَدَايا والعَشايا، قَالَ: أَرادوا جَمْعَ الغَدَاة فأَتْبَعُوها العَشايا لِلِازْدِوَاجِ، وَإِذَا أَفْرَدَ لَمْ يَجُزْ، وَلَكِنْ يُقَالُ غَداةٌ وغَدَواتٌ لَا غيرُ، كَمَا قَالُوا: هَنَأَني الطعامُ ومَرَأَني، وَإِنَّمَا قَالُوا أَمْرَأَني. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: غَدِيَّةٌ مثلُ عَشِيَّة لغةٌ فِي غَدْوةٍ كضَحيَّة لُغَةٌ فِي ضَحْوة، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فغَدِيَّة وغَدَايَا كعَشِيَّةٍ وعَشايا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعَلَى هَذَا لَا تَقُولُ إنَّهم إِنَّمَا كَسَّروا الغَدايا مِنْ قَوْلُهُمْ إِنِّي لَآتِيُهُ بالغَدَايَا والعَشايا عَلَى الإِتْباع لِلْعَشَايَا، إِنَّمَا كسَّروه عَلَى وجْهِه لأَن فَعِيلة بابُه أَن يكَسَّر عَلَى فَعائِلَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

أَلا لَيْتَ حَظِّي مِنْ زِيارَة أُمِّيَهْ ... غَدِيَّاتُ قَيْظِ، أَو عَشِيّاتُ أَشْتِيَهْ

قَالَ: إِنَّمَا أَراد غَدِيَّات قيظٍ أَو عَشِيّات أَشْتِية


(١). قوله [اليوم عاجله إلخ] هو هكذا في الأصل.
(٢). هو النابغة وأول البيت:
لا مرحباً بغد ولا أهلًا بِه

<<  <  ج: ص:  >  >>