البيت للصِّلِّيان العَبْدِي لَا لزِياد، قَالَ: وَلَهَا خَبَرٌ رَوَاهُ زِيَادٌ عن الصِّلِّيان مَعَ الْقَصِيدَةِ، فذُكِر ذَلِكَ فِي دِيوَانِ زِيَادٍ، فتَوهَّم مَنْ رَآهَا فِيهِ أَنها لَهُ، وَلَيْسَ الأَمر كَذَلِكَ، قَالَ: وَقَدْ غَلِطَ أَيضاً فِي نِسْبَتِهَا لِزِيَادٍ أَبو الفَرَج الأَصْبهاني صَاحِبُ الأَغاني، وَتَبِعَهُ الناسُ عَلَى ذَلِكَ. ابْنُ سِيدَهْ: والغَزِيُّ اسمٌ لِلْجَمْعِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
سرَيْت بِهِمْ حَتَّى تَكِلَّ غَزِيُّهُم، ... وَحَتَّى الجِيادُ مَا يُقَدْن بأَرْسانِ
وَفِي جمعِ غَازٍ أَيضاً غُزَّاءٌ، بالمدِّ، مثلُ فاسِقٍ وفُسَّاقٍ؛ قَالَ تأَبَّط شَرًّا:
فيَوْماً بغُزَّاءٍ، وَيَوْمًا بسُرْيةٍ؛ ... وَيَوْمًا بخَشْخاشٍ مِنَ الرَّجْلِ هَيْضَلِ
وغُزاةٌ: مثلُ قاضٍ وقُضاةٍ. قَالَ الأَزهري: والغُزَّى عَلَى بِناءِ الرُّكَّعِ والسُّجَّدِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَوْ كانُوا غُزًّى
. سِيبَوَيْهِ: رجلٌ مَغْزِيٌّ شَبَّهُوها حَيْثُ كانَ قَبْلَها حرفٌ مضمومٌ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلَّا حرفٌ ساكنٌ بأَدْلٍ، والوجْهُ فِي هَذَا النَّحْوِ الواوُ، والأُخرى عَرَبيَّة كثيرةٌ. وأَغْزَى الرجلَ وغَزَّاه: حَمَلَه عَلَى أَن يَغْزُوَ. وأَغْزَى فُلَانٌ فُلَانًا إِذا أَعْطاه دابَّة يَغْزُو عَلَيْهَا. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وأَغْزَيْتُ الرجُل أَمْهَلْته وأَخَّرْت مَا لِيَ عَلَيْهِ مِنَ الدَّين. قَالَ: وَقَالُوا غَزَاة واحدةٌ يُرِيدُونَ عَمَلَ وَجْهٍ واحدٍ، كَمَا قَالُوا حَجَّة وَاحِدَةٌ يُرِيدُونَ عَمَلَ سنَةٍ وَاحِدَةٍ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
بَعِيد الغَزاةِ، فَمَا إِنْ يَزالُ ... مُضُطَمِراً طُرَّاتاهُ طَلِيحا
وَالْقِيَاسُ غَزْوَة؛ قَالَ الأَعشى:
وَلَا بُدَّ مِنْ غَزْوَةٍ، فِي الرَّبيعِ، ... حَجُونٍ تُكِلُّ الوَقاحَ الشَّكُورا
والنَّسب إِلى الغَزْوِ غَزَوِيٌّ، وَهُوَ مِنْ نَادِرِ مَعْدُولِ النَّسَبِ، وإِلى غَزِيَّة غَزَوِيٌّ. والمَغَازِي: مَناقِبُ الغُزاةِ. الأَزهري: والمَغْزَى والمَغْزاةُ والمغازِي مواضِعُ الغَزْوِ، وَقَدْ تَكُونُ الغَزْوَ نَفْسه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَانَ إِذا اسْتَقْبَلَ مَغْزًى
، وَتَكُونُ المَغازِي مَناقِبَهُم وغَزَواتِهِم. وغَزَوْتُ العَدُوَّ غَزْواً، وَالِاسْمُ الغَزاةُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ الغَزْوَة فِي شِعْرِ الأَعشى، قَالَ:
وَفِي كلِّ عامٍ أَنت حَاسِمُ غَزْوةٍ، ... تَشُدُّ لأَقْصاها عَزِيمَ عَزائكا «٣»
وَقَوْلُهُ:
وَفِي كلِّ عَامٍ لَهُ غَزْوَةٌ، ... تَحُثُّ الدَّوابِرَ حَثَّ السَّفَنْ
وَقَالَ جَمِيلٌ:
يقولُون جاهِدْ، يَا جميلُ، بغَزْوَةٍ، ... وإِنَّ جِهاداً طَيِءٌ وقِتالُها
تَقْدِيرُهَا وإِنَّ جِهاداً جِهادُ طَيِءٍ فَحَذَفَ الْمُضَافَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ لَا تُغْزَى قُرَيْشٌ بعدَها
أَي لَا تَكْفُرُ حَتَّى تُغْزَى عَلَى الكُفْرِ، وَنَظِيرُهُ:
لَا يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ صَبراً بَعْدَ اليومِ
أَي لَا يَرْتَدُّ فَيُقْتَلَ صَبْراً عَلَى رِدَّتِه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
لَا تُغْزَى هَذِهِ بعدَ اليومِ إِلى يومِ الْقِيَامَةِ يَعْنِي مَكَّةَ
أَي لَا تَعودُ دارَ كُفْرٍ يُغْزَى عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ أَن يُراد بِهَا أَنَّ الكفَّار لَا يَغْزُونَها أَبداً فإِن الْمُسْلِمِينَ قَدْ غَزَوْها مَرَّات. وأَما قَوْلُهُ: مَا مِنْ غازِيَةٍ تُخْفِقُ وتُصابُ إِلَّا تَمَّ أَجْرُهُم؛ الغَازِيَة تأْنيثُ الغَازِي وَهِيَ هَاهُنَا صفةٌ لِجَمَاعَةٍ. وأَخْفَقَ
(٣). قوله [حاسم] هو هكذا في الأصل.