ويَتَنازَلُونَ، ويَتَطاعَمُون أَي يأْكلون عِنْدَ هَذَا نُزْلةً وَعِنْدَ هَذَا نُزْلةً؛ والنُّزْلةُ: الطعامُ يَصْنَعه لَهُمْ حَتَّى يَشْبَعُوا؛ يُقَالُ: كَانَ اليومَ عَلَى فُلَانٍ نُزْلَتُنا، وأَكلْنا عِنْدَهُ نُزْلَتَنا؛ وَكَذَلِكَ النَّوْبة؛ والتَّناوُبُ عَلَى كُلِّ واحدٍ مِنْهُمْ نَوْبةٌ يَنُوبُها أَي طعامُ يومٍ، وجمعُ النَّوْبةِ نُوَبٌ. والنَّوْبُ: مَا كَانَ مِنْكَ مَسيرةَ يومٍ وليلةٍ، وأَصله فِي الوِرْدِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
إِحْدَى بَني جَعْفَرٍ كَلِفْتُ بِهَا، ... لَمْ تُمْسِ نَوْباً مِني، وَلَا قَرَبا
وَقِيلَ: مَا كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيام؛ وَقِيلَ: مَا كَانَ عَلَى فَرسخين، أَو ثَلَاثَةٍ؛ وَقِيلَ: النَّوْبُ، بِالْفَتْحِ، القُرْب، خِلافُ البُعْد؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
أَرِقْتُ لذكْرِهِ مِنْ غَير نَوْبٍ، ... كَمَا يَهْتاجُ مَوْشِيٌّ نَقِيبُ
أَراد بالمَوْشِيِّ الزَّمَّارةَ مِن القَصَبِ المُثَقَّبِ. ابْنُ الأَعرابي: النَّوْبُ القَرَبُ «١». يَنُوبُها: يعهَدُ إِليها، يَنَالُهَا؛ قَالَ: والقَرَبُ والنَّوْبُ واحدٌ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: القَرَبُ أَن يأْتيَها فِي ثَلَاثَةِ أَيام مرَّة. ابْنُ الأَعرابي: والنَّوْبُ أَن يَطرُدَ الإِبلَ باكِراً إِلى الماءِ، فيُمْسي عَلَى الماءِ يَنْتابُه. والحُمَّى النائبةُ: الَّتِي تأْتي كلَّ يَوْمٍ. ونُبْتُه نَوْباً وانْتَبْتُه: أَتيتُه عَلَى نَوْب. وانْتابَ الرجلُ القومَ انْتياباً إِذا قصَدَهم، وأَتاهم مَرَّةً بَعْدَ مَرَّة، وَهُوَ يَنتابُهم، وَهُوَ افْتِعال مِنَ النَّوبة. وَفِي حَدِيثِ الدعاءِ:
يَا أَرْحَمَ مَن انْتابه المُسْتَرحِمُون.
وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ:
كَانَ الناسُ يَنْتابونَ الْجُمُعَةَ مِنْ مَنازِلهم
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
احْتاطُوا لأَهْلِ الأَمْوالِ فِي النَّائبة والواطِئَةِ
أَي الأَضْيافِ الَّذِينَ يَنُوبونهم، ويَنْزلون بِهِمْ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أُسامةَ الهُذَليّ:
أَقَبُّ طَريدٌ، بِنُزْهِ الفَلاةِ، ... لَا يَرِدُ الماءَ إِلَّا انْتِيابا
وَيُرْوَى: ائْتِيَابَا؛ وَهُوَ افْتِعال مِنْ آبَ يَؤُوبُ إِذا أَتى لَيْلًا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ يَصِفُ حمارَ وَحْشٍ. والأَقَبُّ: الضَّامِرُ البَطْنِ. ونُزْهُ الفَلاةِ: مَا تَباعَدَ مِنْهَا عَنِ الماءِ والأَرْياف. والنُّوبةُ، بِالضَّمِّ: الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ نَابَهُ أَمْرٌ، وانْتابه أَي أَصابه. وَيُقَالُ: المَنايا تَتَناوبُنا أَي تأْتي كُلًّا مِنَّا لنَوْبَتِه. والنَّوبة: الفُرْصة والدَّوْلة، وَالْجَمْعُ نُوَبٌ، نَادِرٌ. وتَناوَبَ القومُ الماءَ: تَقاسَمُوه عَلَى المَقْلةِ، وَهِيَ حَصاة القَسْم. التَّهْذِيبِ: وتَناوَبْنا الخَطْبَ والأَمرَ، نَتَناوَبه إِذا قُمنا بِهِ نَوبةً بَعْدَ نَوبة. الْجَوْهَرِيُّ: النَّوبةُ واحدةُ النُّوَبِ، تَقُولُ: جاءتْ نَوْبَتُكَ ونِيابَتُك، وَهُمْ يَتَناوبون النَّوبة فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي الماءِ وَغَيْرِهِ. ونابَ الشيءُ عَنِ الشيءِ، يَنُوبُ: قَامَ مَقامه؛ وأَنَبْتُه أَنا عَنْهُ. وناوَبه: عاقَبه. ونابَ فلانٌ إِلى اللَّهِ تَعَالَى، وأَنابَ إِليه إِنابةً، فَهُوَ مُنِيبٌ: أَقْبَلَ وتابَ، ورجَع إِلى الطَّاعَةِ؛ وَقِيلَ: نابَ لَزِمَ الطَّاعَةَ، وأَنابَ: تابَ ورجَعَ. وَفِي حَدِيثِ الدعاءِ:
وإِليك أَنَبْتُ.
الإِنابةُ: الرجوعُ إِلى اللَّهِ بالتَّوبة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مُنِيبِينَ إِلَيْهِ*
؛ أَي رَاجِعِينَ إِلى مَا أَمَرَ بِهِ، غَيْرَ خَارِجِينَ عَنْ شيءٍ مِنْ أَمرِه. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ
؛ أَي تُوبوا إِليه وارْجِعُوا، وَقِيلَ إِنها نزلتْ فِي قَوْمٍ فُتِنُوا فِي دِينِهم، وعُذِّبُوا بِمَكَّةَ، فرجَعُوا عَنِ الإِسلام، فَقِيلَ: إِنَّ هؤُلاء لَا يُغْفَرُ لَهُمْ بَعْدَ رُجوعهم عَنِ الإِسلام، فأَعْلم اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ،
(١). قوله [ابْنُ الأَعرابي النَّوْبُ الْقَرَبُ إلخ] هكذا بالأَصل وهي عبارة التهذيب وليس معنا من هذه المادة شيء منه فانظره فإنه يظهر أن فيه سقطاً مِنْ شِعْرٍ أَوْ غَيْرِهِ.