فَسَّرَ فَتًى شَيْخٍ فَقَالَ أَي هُوَ فِي حَزْم الْمَشَايِخِ، وَالْجَمْعُ فتْيان وفِتْية وفِتْوة؛ الْوَاوُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وفُتُوٌّ وفُتِيٌّ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَمْ يَقُولُوا أَفْتَاء اسْتَغْنَوْا عَنْهُ بفِتْيَة. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى الأَفْتَاء. قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: لَيْسَ الفَتَى بِمَعْنَى الشَّابِّ والحَدَث إِنَّمَا هُوَ بِمَعْنَى الْكَامِلِ الجَزْل مِنَ الرِّجَالِ، يَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إنَّ الفَتَى حَمّالُ كلِّ مُلِمَّةٍ، ... ليسَ الفَتَى بمُنَعَّمِ الشُّبَان
قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ:
قَد يُدْرِكُ الشَّرَفَ الفَتَى، ورِداؤُه ... خَلَقٌ، وجَيْبُ قَمِيصِه مَرْقُوعُ
وَقَالَ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ:
مَا بَعدَ زَيْد فِي فَتَاةٍ فُرِّقُوا ... قَتْلًا وسَبْياً، بَعدَ طُولِ تَآدي
فِي آلِ عَرْف لَوْ بَغَيْتَ لِي الأُسى، ... لَوَجَدْتَ فِيهِمْ أُسوةَ العُوّادِ
فتَخَيَّرُوا الأَرضَ الفَضاءَ لِعِزِّهِمْ، ... ويَزيدُ رافِدُهُمْ عَلَى الرُّفَّادِ
قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مِنْ بَنِي حَنْظَلَةَ خَطَبَ إِلَيْهِمْ بَعْضُ الْمُلُوكِ جَارِيَةً يُقَالُ لَهَا أُم كَهْف فَلَمْ يُزوّجوه، فغَزاهم وأَجْلاهم مِنْ بِلَادِهِمْ وقَتَلهم؛ وَقَالَ أَبوها:
أَبَيْتُ أَبَيْتُ نِكاحَ المُلُوك، ... كأَني امْرُؤٌ منْ تَمِيم بْنِ مُرّ
أَبَيْتُ اللِّئامَ وأَقْلِيهمُ، ... وَهَلْ يُنْكِحُ العَبْدَ حُرُّ بْنُ حُرّ؟
وَقَدْ سَمَّاهُ الْجَوْهَرِيُّ فَقَالَ: خَطَبَ بَعْضُ الْمُلُوكِ إِلَى زَيْدِ بْنِ مَالِكٍ الأَصغر بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكِ الأَكبر أَو إِلَى بَعْضِ وَلَدِهِ ابْنَتَهُ يُقَالُ لَهَا أُم كَهْفٍ، قَالَ: وَزَيْدٌ هَاهُنَا قَبِيلَةٌ، والأُنثى فَتاة، وَالْجَمْعُ فَتَياتٌ. وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ الْحَدَثَةِ فَتاة وَلِلْغُلَامِ فَتًى، وَتَصْغِيرُ الفَتَاة فُتَيَّةٌ، والفَتَى فُتَيٌّ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن الفِتْوَان لُغَةٌ فِي الفِتْيَان، فالفُتُوَّة عَلَى هَذَا مِنَ الْوَاوِ لَا مِنَ الْيَاءِ، وَوَاوُهُ أَصل لَا مُنْقَلِبَةٌ، وَأَمَّا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ الفِتْيان فَوَاوُهُ مُنْقَلِبَةٌ، والفَتِيُّ كالفَتى، والأُنثى فَتِيَّة، وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ لِلْجَمَلِ وَالنَّاقَةِ، يُقَالُ للبَكْرة مِنَ الإِبل فَتِيَّة، وَبَكْرٌ فَتِيٌّ، كَمَا يُقَالُ لِلْجَارِيَةِ فَتَاة وَلِلْغُلَامِ فَتًى، وَقِيلَ: هُوَ الشابُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْجَمْعُ فِتَاء؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرِّقاع:
يَحْسَبُ الناظِرُونَ، مَا لَمْ يُفَرُّوا، ... أَنها جِلَّةٌ وهُنَّ فِتَاء
وَالِاسْمُ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ الفُتُوّة، انْقَلَبَتِ الْيَاءُ فِيهِ وَاوًا عَلَى حَدِّ انْقِلَابِهَا فِي مُوقِن وكقَضُوَ؛ قَالَ السِّيرَافِيُّ: إِنَّمَا قُلِبَتِ الْيَاءُ فِيهِ وَاوًا لأَن أَكثر هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْمَصَادِرِ عَلَى فُعولة، إِنَّمَا هُوَ مِنَ الْوَاوِ كالأُخُوّة، فَحَمَلُوا مَا كَانَ مِنَ الْيَاءِ عَلَيْهِ فَلَزِمَتِ الْقَلْبَ، وَأَمَّا الفُتُوُّ فَشَاذٌّ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَنه مِنَ الْيَاءِ، وَالْآخَرُ أَنه جَمْعٌ، وَهَذَا الضَّرْبُ مِنَ الْجَمْعِ تُقْلَبُ فِيهِ الْوَاوُ يَاءً كعِصِيّ وَلَكِنَّهُ حُمِلَ عَلَى مَصْدَرِهِ؛ قَالَ:
وفُتُوٌّ هَجَّرُوا ثُمَّ أَسْرَوا ... لَيْلَهمْ، حَتَّى إِذَا انْجابَ حَلُّوا
وَقَالَ جَذِيمَةُ الأَبرش:
فِي فُتُوٍّ، أَنا رابِئهُمْ، ... مِنْ كَلالِ غَزْوةٍ ماتُوا
وَلِفُلَانَةَ بِنْتٌ قَدْ تَفَتَّتْ أَي تَشَبَّهَتْ بالفَتَيات وَهِيَ