للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِمَعْنَى الْفَرَاغِ، تَقُولُ: قَضَيت حَاجَتِي. وقَضى عَلَيْهِ عَهْداً: أَوصاه وأَنفذه، وَمَعْنَاهُ الْوَصِيَّةُ، وَبِهِ يُفَسَّرُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ

؛ أَي عَهِدْنا وَهُوَ بِمَعْنَى الأَداء والإِنْهاء. تَقُولُ: قَضَيْتُ دَيْني، وَهُوَ أَيضاً مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ

، وَقَوْلِهِ: وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ

: أَي أَنْهَيْناه إِلَيْهِ وأَبْلَغْناه ذَلِكَ، وقَضى أَي حَكَمَ. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ

؛ أَي مِنْ قَبْلِ أَن يُبَيَّن لَكَ بَيَانُهُ. اللَّيْثُ فِي قَوْلِهِ: فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ

؛ أَي أَتْمَمْنا عَلَيْهِ الْمَوْتُ. وقَضَى فُلَانٌ صِلَاتَهُ أَي فَرَغَ مِنْهَا. وقَضَى عَبْرَتَه أَي أَخرج كُلَّ مَا فِي رأْسِه؛ قَالَ أَوس:

أَمْ هَل كَثِيرُ بُكىً لَمْ يَقْضِ عَبْرَتَه، ... إثرَ الأَحِبَّةِ يومَ البَيْنِ، مَعْذُور؟

أَيْ لَمْ يُخْرِج كلَّ مَا فِي رأْسه. والقاضِيَةُ: المَنِيَّة الَّتِي تَقْضِي وَحِيّاً. والقَاضِيَةُ: المَوت، وَقَدْ قَضَى قَضاء وقُضِيَ عَلَيْهِ؛ وَقَوْلُهُ:

تَحنُّ فَتُبْدِي مَا بِهَا مِنْ صَبابةٍ، ... وأُخِفي الَّذِي لَوْلَا الأَسا لقَضَانِي

مَعْنَاهُ قَضَى عَليَّ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

سَمَّ ذَرارِيحَ جَهِيزاً بالقَضِي

فَسَّرَهُ فَقَالَ: القَضِي الْمَوْتُ الْقَاضِي، فَأَمَّا أَن يَكُونَ أَراد القَضي، بِالتَّخْفِيفِ، وَإِمَّا أَن يَكُونَ أَراد القَضِيّ فَحَذَفَ إِحْدَى الْيَاءَيْنِ كَمَا قَالَ:

أَلم تَكُنْ تَحْلِف باللهِ العَلي، ... إنَّ مَطاياكَ لَمِنْ خَيْرِ المَطِي؟

وقَضَى نَحْبَه قَضاءً: مَاتَ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده يَعْقُوبُ لِلْكُمَيْتِ:

وَذَا رَمَقٍ مِنْهَا يُقَضِّي وطافِسا

إِمَّا أَن يَكُونَ فِي مَعْنَى يَقْضِي، وَإِمَّا أَن يَكُونَ أَن الْمَوْتَ اقْتَضَاهُ فَقَضَاهُ دَيْنَهُ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْقَطَامِيُّ:

فِي ذِي جُلُولٍ يُقَضِّي الموتَ صاحبُه، ... إِذَا الصَّراريُّ مِنْ أَهْوالِه ارْتَسَما

أَي يَقْضِي الموتَ مَا جَاءَهُ يَطْلُب مِنْهُ وَهُوَ نفْسُه. وضَرَبَه فَقَضَى عَلَيْهِ أَي قَتَلَهُ كأَنه فَرَغَ مِنْهُ. وسَمٌّ قَاضٍ أَي قَاتِلٌ. ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ قَضَى الرجلُ وقَضَّى إِذَا مَاتَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

إِذَا الشَّخْصُ فِيهَا هَزَّه الآلُ أَغْمَضَتْ ... عليهِ، كإغْماضِ المُقَضِّي هُجُولُها

وَيُقَالُ: قَضَى عَليَّ وقَضَانِي، بإِسقاط حَرْفِ الْجَرِّ؛ قَالَ الْكِلَابِيُّ:

فَمَنْ يَكُ لَمْ يَغْرَضْ فَإِنِّي وناقَتي، ... بِحَجْرٍ إِلَى أَهلِ الحِمَى، غَرِضان

تَحِنُّ فَتُبْدِي مَا بِهَا مِنْ صَبابَة، ... وأُخْفِي الَّذِي لَوْلَا الأَسا لقَضاني

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ

؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: مَعْنَى قُضِيَ الأَمر أُتِم إهْلاكُهم. قَالَ: وقَضَى فِي اللُّغَةِ عَلَى ضُروب كلُّها تَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى انْقِطاعِ الشَّيْءِ وتَمامِه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ قَضى أَجَلًا

؛ مَعْنَاهُ ثُمَّ حَتَم بِذَلِكَ وأَتَمَّه، وَمِنْهُ الإِعْلام؛ وَمِنْهُ قوله تعالى: وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ

؛ أَي أَعْلَمْناهم إِعْلَامًا قَاطِعًا، وَمِنْهُ القَضَاء للفَصْل فِي الحُكْم وهو قوله: لَوْلا (كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى) أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ

؛ أَي لفُصِلَ الحُكْم بَيْنَهُمْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلِهِمْ: قَدْ قَضَى القاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>