القَفا وَلَيْسَتْ بِالْفَاشِيَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ جِنِّي الْمَدُّ فِي القَفَا لُغَةٌ وَلِهَذَا جُمِعَ عَلَى أَقفِيَة؛ وأَنشد:
حَتَّى إِذَا قُلْنا تَيَفَّع مالكٌ، ... سَلَقَت رُقَيَّةُ مالِكاً لقَفائِه
فأَما قَوْلُهُ:
يَا ابنَ الزُّبَير طالَ مَا عَصَيْكا، ... وطالَ مَا عَنَّيْتَنا إلَيْكا،
لَنَضْرِبَنْ بسَيْفِنا قَفَيْكا
أَراد قَفاك، فأَبدل الأَلف يَاءً لِلْقَافِيَةِ، وَكَذَلِكَ أَراد عَصَيْتَ، فأَبدل مِنَ التَّاءِ كَافًا لأَنها أُختها فِي الْهَمْسِ، وَالْجَمْعُ أَقْفٍ وأَقْفِيةٌ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ لأَنه جمعُ الْمَمْدُودِ مِثْلَ سَماء وأَسْمِيَةٍ، وأَقْفَاءٌ مِثْلَ رَحاً وأَرْحاء؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ جَمْعُ الْقِلَّةِ، وَالْكَثِيرُ قُفِيٌّ عَلَى فُعُول مثل عَصاً وعُصِيٍّ، وقِفِيٌّ وقَفِينٌ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ لَا يُوجِبُهَا الْقِيَاسُ. والقَافِيَةُ: كالقَفا، وَهِيَ أَقلهما. وَيُقَالُ: ثَلَاثَةُ أَقْفَاء، وَمَنْ قَالَ أَقْفِيَة فإنه جماعة والقِفِيّ والقُفِيّ؛ وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: جَمْعُ القَفَا أَقْفَاء، وَمَنْ قَالَ أَقْفِيَة فَقَدْ أَخطأَ. وَيُقَالُ لِلشَّيْخِ إِذَا هَرِمَ: رُدَّ عَلَى قَفاه ورُدَّ قَفاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنْ تَلْقَ رَيْبَ المَنايا أَو تُرَدُّ قَفاً، ... لَا أَبْكِ مِنْكَ عَلَى دِينٍ وَلَا حَسَبِ
وَفِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ:
يَعْقِدُ الشيطانُ عَلَى قافِيةِ رأْس أَحدكم ثَلَاثَ عُقَد، فَإِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدة
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يَعْنِي بالقَافِيَة القَفا. وَيَقُولُونَ: القَفَنُّ فِي مَوْضِعِ القَفا، وَقَالَ: هِيَ قَافِيَةُ الرأْس. وقافِيةُ كُلِّ شَيْءٍ: آخِرُهُ، وَمِنْهُ قَافِيَة بَيْتِ الشِّعْر، وَقِيلَ قَافِيَة الرأْس مُؤَخَّرُهُ، وَقِيلَ: وَسَطُهُ؛ أَراد تَثْقِيلَه فِي النَّوْمِ وَإِطَالَتَهُ فَكَأَنَّهُ قَدْ شَدَّ عَلَيْهِ شِداداً وعَقَده ثَلَاثَ عُقَد. وقَفَوْتُه: ضَرَبْتُ قَفاه. وقَفَيْتُه أَقْفِيه: ضَرَبْتُ قَفاه. وقَفَيْتُه ولَصَيْتُه: رَمَيْتُهُ بِالزِّنَا. وقَفَوْتُه: ضَرَبْتُ قَفاه، وَهُوَ بِالْوَاوِ. وَيُقَالُ: قَفاً وقَفوان، قَالَ: وَلَمْ أَسمع قَفَيانِ. وتَقَفَّيْته بِالْعَصَا واسْتَقْفَيْته: ضَرَبْتُ قَفَاهُ بِهَا. وتَقَفَّيت فُلَانًا بِعَصًا فَضَرَبْتُهُ: جِئته مِنْ خَلْف. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَخَذَ المِسْحاةَ فاسْتَقْفاه فَضَرَبَهُ بِهَا حَتَّى قَتَلَهُ
أَي أَتاه مِنْ قِبَل قَفَاهُ. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ: فَوَضَعُوا اللُّجَّ عَلَى قَفَيَ
أَي وضَعوا السَّيْفَ عَلَى قَفاي، قَالَ: وَهِيَ لُغَةٌ طائِية يُشَدِّدُونَ يَاءَ الْمُتَكَلِّمِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كُتِبَ إِلَيْهِ صَحِيفَةً فِيهَا:
فَمَا قُلُصٌ وُجِدْنَ مُعَقَّلاتٍ ... قَفا سَلْعٍ بمُخْتَلَفِ التِّجارِ
سَلْعٌ: جَبَلٌ، وقَفاه: وَرَاءَهُ وخَلْفه. وَشَاةٌ قَفِيَّة: مَذْبُوحَةٌ مِنْ قَفَاهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَفِينَةٌ، والأَصل قَفِيَّة، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: النُّونُ بَدَلٌ مِنَ الْيَاءُ الَّتِي هِيَ لَامُ الْكَلِمَةِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: سُئِلَ عَمَّنْ ذَبَحَ فأَبان الرأْس، قَالَ: تِلْكَ القَفِينة لَا بأْس بِهَا
؛ هِيَ الْمَذْبُوحَةُ مِنْ قِبَل القَفا، قَالَ: وَيُقَالُ للقَفا القَفَنُ، فَهِيَ فَعِيلة بِمَعْنَى مَفْعولة. يُقَالُ: قَفَنَ الشاةَ واقْتَفَنَها؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ «١»: هِيَ الَّتِي يُبَانُ رأْسها بِالذَّبْحِ، قَالَ: وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ثُمَّ أَكون عَلَى قَفّانِه
، عِنْدَ مَنْ جَعَلَ النُّونَ أَصلية. وَيُقَالُ: لَا أَفعله قَفا الدَّهْرِ أَي أَبداً أَي طُولَ الدَّهْرِ وَهُوَ قَفا الأَكَمَة وبقَفا الأَكَمة أَي بظهرها.
(١). قوله [أَبو عبيدة] كذا بالأصل، والذي في غير نسخة من النهاية: أبو عبيد بدون هاء التأنيث.