وَفِي حَدِيثِ
وَابِصَةَ: والإِثمُ مَا حَكَّ فِي صَدْرِكَ وَإِنْ أَقْناك الناسُ عَنْهُ وأَقْنَوْكَ
أَي أَرْضَوْكَ؛ حَكَى أَبو مُوسَى أَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ قَالَ ذَلِكَ وأَن الْمَحْفُوظَ بِالْفَاءِ وَالتَّاءِ مِنَ الفُتْيا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالَّذِي رأَيته أَنا فِي الْفَائِقِ فِي بَابِ الْحَاءِ وَالْكَافِ أَفْتَوْك، بِالْفَاءِ، وَفَسَّرَهُ بأَرْضَوْك وَجَعَلَ الْفُتْيَا إرْضاء مِنَ الْمُفْتِي، عَلَى أَنه قَدْ جَاءَ عَنْ أَبي زَيْدٍ أَن القِنَى الرِّضا. وأَقْناه إِذَا أَرْضاه. وقَنِيَ مالَه قِناية: لَزِمَهُ، وقَنِيَ الْحَيَاءَ كَذَلِكَ. واقْتَنَيْت لِنَفْسِي مَالًا أَي جَعَلْتُهُ قِنية ارْتَضَيْته؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ الْمُتَلَمِّسِ:
وأَلْقَيْتُها بالثِّنْي مِنْ جَنْبِ كافِرٍ، ... كَذَلِكَ أَقْنُو كُلَّ قِطٍّ مُضَلَّلِ
إِنَّهُ بِمَعْنَى أَرْضَى. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَقنُو أَلزم وأَحفظ، وَقِيلَ: أَقنُو أَجزي وأُكافئ. وَيُقَالُ: لأَقْنُوَنَّك قِنَاوتَك أَي لأَجْزِيَنَّك جَزاءك، وَكَذَلِكَ لأَمْنُونَّك مَناوَتَك. وَيُقَالُ: قَنَوته أَقْنُوه قِناوةً إِذَا جَزَيْتَهُ. والمَقْنُوةُ، خَفِيفَةً، مِنَ الظِّلِّ: حَيْثُ لَا تُصِيبُهُ الشَّمْسُ فِي الشِّتَاءِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: مَقْناةٌ ومَقْنُوة بِغَيْرِ هَمْزٍ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
فِي مَقاني أُقَنٍ، بَيْنَها ... عُرَّةُ الطيرِ كصوْمِ النَّعامِ
والقَنا: مَصْدَرُ الأَقْنَى مِنَ الأُنوف، وَالْجَمْعُ قُنْوٌ، وَهُوَ ارْتِفَاعٌ فِي أَعلاه بَيْنَ الْقَصَبَةِ والمارنِ مِنْ غَيْرِ قُبْحٍ. ابْنُ سِيدَهْ: والقَنا ارْتِفَاعٌ فِي أَعلى الأَنف واحْديدابٌ فِي وَسَطِهِ وسُبُوغٌ فِي طرَفه، وَقِيلَ: هُوَ نُتوء وسَطِ الْقَصَبَةِ وإشْرافُه وضِيقُ المَنْخَرَيْن، رَجُلٌ أَقْنَى وامرأَة قَنْوَاء بَيِّنة القَنا. وَفِي
صِفَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ أَقْنَى العِرْنين
؛ القَنا فِي الأَنف: طُولُهُ ودِقَّة أَرْنبته مَعَ حدَب فِي وَسَطِهِ، والعِرْنينُ الأَنف. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَمْلِكُ رَجُلٌ أَقْنَى الأَنف.
يُقَالُ: رَجُلٌ أَقْنَى وامرأَة قَنْوَاء؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
قَنْوَاءُ فِي حُرَّتَيْها للبَصِير بِهَا ... عِتْقٌ مُبِينٌ، وَفِي الخَدَّيْنِ تَسْهِيلُ
وَقَدْ يُوصَفُ بِذَلِكَ الْبَازِي وَالْفَرَسُ، يُقَالُ: فَرَسٌ أَقْنَى، وَهُوَ فِي الْفَرَسِ عَيْبٌ وَفِي الصَّقْرِ وَالْبَازِي مَدْح؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
نظَرْتُ كَمَا جَلَّى عَلَى رَأْسِ رَهْوَةٍ، ... مِنَ الطَّيْرِ، أَقْنَى يَنْفُضُ الطَّلَّ أَزْرَقُ
وَقِيلَ: هُوَ فِي الصَّقْرِ وَالْبَازِي اعْوجاج فِي مِنقاره لأَن فِي مِنْقَارِهِ حُجْنة، وَالْفِعْلُ قَنِيَ يَقْنَى قَنًا. أَبو عُبَيْدَةَ: القَنا فِي الْخَيْلِ احْدِيدابٌ فِي الأَنف يَكُونُ فِي الهُجُن؛ وأَنشد لِسَلَامَةَ بْنِ جَنْدَلٍ:
لَيْسَ بأَقْنَى وَلَا أَسْفَى وَلَا سَغِلٍ، ... يُسْقَى دَواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبُوبِ
والقَناةُ: الرُّمْحُ، وَالْجَمْعُ قَنَواتٌ وقَناً وقُنِيٌّ، عَلَى فُعُولٍ، وأَقْنَاء مِثْلُ جَبَلٍ وأَجبال، وَكَذَلِكَ القَناة الَّتِي تُحْفَر، وَحَكَى كُرَاعٌ فِي جَمْعِ القَنَاة الرُّمْحِ قَنَياتٌ، وأُراه عَلَى الْمُعَاقَبَةِ طَلَبَ الخِفَّة. وَرَجُلٌ قَنَّاء ومُقَنٍّ أَي صاحبُ قَناً؛ وأَنشد:
عَضَّ الثِّقافِ خُرُصَ المُقَنِّي
وَقِيلَ: كُلُّ عَصًا مُسْتَوِيَةٍ فَهِيَ قَنَاة، وَقِيلَ: كُلُّ عَصًا مُستوية أَو مُعْوَجَّة فَهِيَ قَنَاةٌ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي صِفَةِ بَحْر:
أَظَلُّ مِنْ خَوْفِ النُّجُوخِ الأَخْضَرِ، ... كأَنَّني، فِي هُوَّةٍ، أُحَدَّر
«١»
(١). في هذا الشطر إقواء.