للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِيهِ سِنادٌ وإِقْوَاءٌ وتَحْرِيدُ

قَالَ: فَجَعَلَ الإِقْوَاء غَيْرَ السِّنَاد كأَنه ذَهَبَ بِذَلِكَ إِلى تَضْعِيفِ قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الإِقْوَاء سِنَاداً مِنَ الْعَرَبِ وَجَعَلَهُ عَيْبًا. قَالَ: وَلِلنَّابِغَةِ فِي هَذَا خَبَرٌ مَشْهُورٌ، وَقَدْ عِيبَ قَوْلُهُ فِي الداليَّة الْمَجْرُورَةِ:

وَبِذَاكَ خَبَّرَنا الغُدافُ الأَسودُ

فعِيب عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَمْ يَفْهَمْهُ، فَلَمَّا لَمْ يَفْهَمْهُ أُتي بِمُغَنِّيَةٍ فَغَنَّتْهُ:

مِن آلِ مَيّةَ رائحٌ أَو مُغْتَدِي

وَمَدَّتِ الْوَصْلَ وأَشبعته ثُمَّ قَالَتْ:

وَبِذَاكَ خَبَّرنا الغُدافُ الأَسودُ

ومَطَلَت وَاوَ الْوَصْلِ، فَلَمَّا أَحسَّه عَرَفَهُ وَاعْتَذَرَ مِنْهُ وغيَّره فِيمَا يُقَالُ إِلى قَوْلِهِ:

وبذاكَ تَنْعابُ الغُرابِ الأَسْودِ

وَقَالَ: دَخَلْتُ يَثْرِبَ وَفِي شِعْرِي صَنْعة، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْهَا وأَنا أَشْعر الْعَرَبِ. واقْتَوَى الشيءَ: اخْتَصَّه لِنَفْسِهِ. والتَّقَاوِي: تزايُد الشُّرَكَاءِ. والقِيُّ: القَفْر مِنَ الأَرض، أَبْدَلُوا الْوَاوَ يَاءً طَلَبًا لِلْخِفَّةِ، وَكَسَرُوا الْقَافَ لِمُجَاوَرَتِهَا الْيَاءَ. والقَواءُ: كالقِيّ، هَمْزَتُهُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ. وأَرض قَواء وقَوايةٌ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ: قَفْرة لَا أَحد فِيهَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ

، يَقُولُ: نَحْنُ جَعَلْنَا النَّارَ تَذْكِرَةً لِجَهَنَّمَ وَمَتَاعًا للمُقْوِين، يَقُولُ: مَنْفَعَةً للمُسافرين إِذا نَزَلُوا بالأَرض القِيّ وَهِيَ الْقَفْرُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُقْوِي الَّذِي لَا زَادَ مَعَهُ، يُقَالُ: أَقْوَى الرجلُ إِذا نَفِد زَادُهُ. وَرَوَى أَبو إِسْحَاقَ: المُقْوِي الَّذِي يَنْزِلُ بالقَوَاء وَهِيَ الأَرض الْخَالِيَةُ. أَبو عَمْرٍو: القَوَايَة الأَرض الَّتِي لَمْ تُمْطَر. وَقَدْ قَوِيَ الْمَطَرُ يَقْوَى إِذا احْتبس، وَإِنَّمَا لَمْ يُدْغَمْ قَوِيَ وأُدغمت قِيٌّ لِاخْتِلَافِ الْحَرْفَيْنِ، وَهُمَا مُتَحَرِّكَانِ، وأُدغمت فِي قَوْلِكَ لوَيْتُ لَيّاً وأَصله لَوْياً، مَعَ اخْتِلَافِهِمَا، لأَن الأُولى مِنْهُمَا سَاكِنَةٌ، قَلَبْتَها يَاءً وأَدغمت. والقَواء، بِالْفَتْحِ: الأَرض الَّتِي لَمْ تُمْطَرْ بَيْنَ أَرضين مَمطورتَين. شَمِرٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ بَلَدٌ مُقْوٍ إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَطَرٌ، وَبَلَدٌ قاوٍ ليس به أَحد. ابْنُ شُمَيْلٍ: المُقْوِيةُ الأَرض الَّتِي لَمْ يُصِبْهَا مَطَرٌ وَلَيْسَ بِهَا كلأٌ، وَلَا يُقَالُ لَهَا مُقْوِية وَبِهَا يَبْسٌ مِنْ يَبْسِ عَامِ أَوَّل. والمُقْوِية: المَلْساء الَّتِي لَيْسَ بِهَا شَيْءٌ مِثْلَ إِقْوَاء الْقَوْمِ إِذا نَفِد طَعَامُهُمْ؛ وأَنشد شَمِرٌ لأَبي الصُّوفِ الطَّائِيِّ:

لَا تَكْسَعَنّ بَعْدَها بالأَغبار ... رِسْلًا، وَإِنْ خِفْتَ تَقَاوِي الأَمْطار

قَالَ: والتَّقَاوِي قِلَّته. وَسَنَةٌ قَاوِيَةٌ: قَلِيلَةُ الأَمطار. ابْنُ الأَعرابي: أَقْوَى إِذا اسْتَغْنَى، وأَقْوَى إِذا افتقَرَ، وأَقْوَى القومُ إِذا وَقَعُوا فِي قِيٍّ مِنَ الأَرض. والقِيُّ: المُسْتَوِية المَلْساء، وَهِيَ الخَوِيَّةُ أَيضاً. وأَقْوَى الرجلُ إِذا نَزَلَ بِالْقَفْرِ. والقِيُّ: الْقَفْرُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

وبَلْدَةٍ نِياطُها نَطِيُّ، ... قِيٌّ تُناصِيها بلادٌ قِيُ

وَكَذَلِكَ القَوا والقَواء، بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ. وَمَنْزِلٌ قَواء: لَا أَنِيسَ بِهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

أَلا حَيِّيا الرَّبْعَ القَواء وسَلِّما، ... ورَبْعاً كجُثْمانِ الحَمامةِ أَدْهَما

وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَبِي رُخِّصَ لَكُمْ فِي صَعِيدِ الأَقْواءِ

؛ الأَقْواءُ: جَمْعُ قَواء وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>