للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِلْمُؤَنَّثِ، وَلَا يَكُونَانِ إِلا مُضَافَيْنِ وَلَا يُتَكَلَّمُ مِنْهُمَا بِوَاحِدٍ، وَلَوْ تُكُلِّمَ بِهِ لَقِيلَ كِلٌ وكِلْتٌ وكِلانِ وكِلْتانِ؛ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:

فِي كِلْتِ رِجْلَيْها سُلامى واحدهْ، ... كِلتاهما مقْرُونةٌ بزائدهْ

أَراد: فِي إِحدى رِجْلَيْهَا، فأَفْرد، قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهل الْبَصْرَةِ، لأَنه لَوْ كَانَ مُثَنًّى لَوَجَبَ أَن تَنْقَلِبَ أَلفه فِي النَّصْبِ وَالْجَرِّ يَاءً مَعَ الِاسْمِ الظَّاهِرِ، ولأَن مَعْنَى كِلا مُخَالِفٌ لِمَعْنَى كُلٍّ، لأَن كُلًّا للإِحاطة وكِلا يَدُلُّ عَلَى شيءٍ مَخْصُوصٍ، وأَما هَذَا الشَّاعِرُ فإِنما حَذَفَ الأَلف لِلضَّرُورَةِ وَقَدَّرَ أَنها زَائِدَةٌ، وَمَا يَكُونُ ضَرُورَةً لَا يَجُوزُ أَن يُجْعَلَ حُجَّةً، فَثَبَتَ أَنه اسْمٌ مُفْرَدٌ كَمِعى إِلا أَنه وُضِعَ لِيَدُلَّ عَلَى التَّثْنِيَةِ، كَمَا أَن قَوْلَهُمْ نَحْنُ اسْمٌ مُفْرَدٌ يَدُلُّ عَلَى الِاثْنَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا؛ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ جَرِيرٍ:

كِلا يَومَيْ أُمامةَ يوْمُ صَدٍّ، ... وإِنْ لَمْ نَأْتِها إِلَّا لِماما

قَالَ: أَنشدنيه أَبو عَلِيٍّ، قَالَ: فإِن قَالَ قَائِلٌ فَلِمَ صَارَ كِلا بِالْيَاءِ فِي النَّصْبِ وَالْجَرِّ مَعَ الْمُضْمَرِ وَلَزِمَتِ الأَلف مَعَ الْمُظْهَرِ كَمَا لَزِمَتْ فِي الرَّفْعِ مَعَ الْمُضْمَرِ؟ قِيلَ لَهُ: مِنْ حَقِّهَا أَن تَكُونَ بالأَلف عَلَى كُلِّ حَالٍ مِثْلَ عَصًا وَمِعًى، إِلا أَنها لَمَّا كَانَتْ لَا تَنْفَكُّ مِنَ الإِضافة شُبِّهَتْ بِعَلَى وَلَدَى، فَجُعِلَتْ بِالْيَاءِ مَعَ الْمُضْمَرِ فِي النَّصْبِ وَالْجَرِّ، لأَن عَلَى لَا تَقَعُ إِلا مَنْصُوبَةً أَو مَجْرُورَةً وَلَا تُسْتَعْمَلُ مَرْفُوعَةً، فَبَقِيَتْ كِلا فِي الرَّفْعِ عَلَى أَصلها مَعَ الْمُضْمَرِ، لأَنها لَمْ تُشَبَّه بِعَلَى فِي هَذِهِ الْحَالِ، قَالَ: وأَما كِلْتَا الَّتِي للتأْنيث فإِن سِيبَوَيْهِ يَقُولُ أَلفها للتأْنيث وَالتَّاءُ بَدَلٌ مِنْ لَامِ الْفِعْلِ، وَهِيَ وَاوٌ والأَصل كِلْوا، وإِنما أُبدلت تَاءً لأَن فِي التَّاءِ عَلَمَ التأْنيث، والأَلف فِي كِلْتَا قَدْ تَصِيرُ يَاءً مَعَ الْمُضْمَرِ فَتَخْرُجُ عَنْ عَلَمِ التأْنيث، فَصَارَ فِي إِبدال الْوَاوِ تَاءُ تأْكيد للتأْنيث. قَالَ: وَقَالَ أَبو عُمر الجَرْمي التَّاءُ مُلْحَقَةٌ والأَلف لَامُ الْفِعْلِ، وَتَقْدِيرُهَا عِنْدَهُ فِعْتَلٌ، وَلَوْ كَانَ الأَمر كَمَا زَعَمَ لَقَالُوا فِي النِّسْبَةِ إِليها كِلْتَويٌّ، فَلَمَّا قَالُوا كِلَويٌّ وأَسقطوا التَّاءَ دَلَّ أَنهم أَجْروها مُجْرى التَّاءِ الَّتِي فِي أُخت الَّتِي إِذا نَسَبت إِليها قُلْتَ أَخَوِيٌّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: كِلَويٌّ قِيَاسٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ إِذا سَمَّيْتَ بِهَا رَجُلًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ مَسْمُوعًا فَيُحْتَجُّ بِهِ عَلَى الْجَرْمِيِّ. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ كلأَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ مَهْمُوزَةٌ وَلَوْ تَركتَ هَمْزَةَ مِثْلِهِ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ قلت يَكْلَوْكم، بواو ساكنة، ويَكْلاكم، بأَلف سَاكِنَةٍ، مِثْلَ يَخْشَاكُمْ، وَمَنْ جَعَلَهَا وَاوًا سَاكِنَةً قَالَ كَلات، بأَلف، يَتْرُكُ النَّبْرة مِنْهَا، وَمَنْ قال يَكلاكم قال كَلَيْتُ مِثْلَ قَضَيْت، وَهِيَ مِنْ لُغَةِ قُرَيْشٍ، وكلٌّ حَسَنٌ، إِلا أَنهم يَقُولُونَ فِي الوجهين مَكْلُوَّة ومَكْلُوّ أَكثر مِمَّا يَقُولُونَ مَكْلِيٌّ، قَالَ: وَلَوْ قِيلَ مَكْلِيّ فِي الَّذِينَ يَقُولُونَ كَلَيْتُ كَانَ صَوَابًا؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَنْشُدُ:

مَا خاصَمَ الأَقوامَ مِنْ ذِي خُصُومةٍ ... كَوَرْهاء مَشْنِيٍّ، إِليها، حَلِيلُها

فَبَنَى عَلَى شَنَيْتُ بِتَرْكِ النَّبْرَةِ. أَبو نَصْرٍ: كَلَّى فلانٌ يُكَلِّي تَكْلِيَة، وَهُوَ أَن يأْتي مَكَانًا فِيهِ مُسْتَتَر، جَاءَ بِهِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ. والكُلْوَةُ: لُغَةٌ فِي الكُلْيَة لأَهل الْيَمَنِ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَا تَقُلْ كِلوة، بِكَسْرِ الْكَافِ. الكُلْيَتان مِنَ الإِنسان وَغَيْرِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ: لحمَتان

<<  <  ج: ص:  >  >>