للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والكُلَيَّان: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ الْقَتَّالُ الْكِلَابِيُّ:

لِظَبْيَةَ رَبْعٌ بالكُلَيَّيْنِ دارِسُ، ... فَبَرْق نِعاجٍ، غَيَّرَتْه الرَّوامِسُ «١»

قَالَ الأَزهري فِي الْمُعْتَلِّ مَا صُورَتُهُ: تَفْسِيرُ كَلَّا الْفَرَّاءُ قَالَ: قَالَ الْكِسَائِيُّ لَا تَنْفِي حَسْبُ وكلَّا تَنْفِي شَيْئًا وَتُوجِبُ شَيْئًا غَيْرَهُ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُكَ لِلرَّجُلِ قَالَ لَكَ أَكلت شَيْئًا فَقُلْتَ لَا، وَيَقُولُ الْآخَرُ أَكلت تَمْرًا فَتَقُولُ أَنت كَلَّا، أَردت أَي أَكلت عَسَلًا لَا تَمْرًا، قَالَ: وتأْتي كلَّا بِمَعْنَى قَوْلِهِمْ حَقّاً، قَالَ: رَوى ذَلِكَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يحيى. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري فِي تفسير كَلَّا: هِيَ عِنْدَ الْفَرَّاءِ تَكُونُ صِلَةً لَا يُوقَفُ عَلَيْهَا، وَتَكُونُ حَرْفَ رَدٍّ بِمَنْزِلَةِ نَعَمْ وَلَا فِي الاكْتفاء، فإِذا جَعَلْتَهَا صِلَةً لِمَا بَعْدَهَا لَمْ تَقِف عَلَيْهَا كَقَوْلِكَ كَلَّا ورَبّ الْكَعْبَةِ، لَا تَقِف عَلَى كَلَّا لأَنها بِمَنْزِلَةِ إِي واللهِ، قَالَ اللهُ سُبحانه وَتَعَالَى: كَلَّا وَالْقَمَرِ

؛ الْوَقْفُ عَلَى كَلَّا قَبِيحٌ لأَنها صِلَةٌ لِلْيَمِينِ. قَالَ: وَقَالَ الأَخفش مَعْنَى كَلَّا الرَّدْع والزَّجر؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ «٢» وإِليه ذَهَبَ الزَّجَّاجُ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ. وَقَالَ أَبو بَكْرِ بْنُ الأَنباري: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ مَعْنَى كَلَّا حَقّاً، قَالَ: وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ جَاءَتْ كلَّا فِي الْقُرْآنِ عَلَى وَجْهَيْنِ: فَهِيَ فِي مَوْضِعٍ بِمَعْنَى لَا، وَهُوَ رَدٌّ للأَوَّل كَمَا قَالَ الْعَجَّاجُ:

قَدْ طَلَبَتْ شَيْبانُ أَن تُصاكِمُوا ... كَلَّا، ولَمَّا تَصْطَفِقْ مآتِمُ

قَالَ: وَتَجِيءُ كَلَّا بِمَعْنَى أَلا الَّتِي لِلتَّنْبِيهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ؛ وَهِيَ زَائِدَةٌ لَوْ لَمْ تأْتِ كَانَ الْكَلَامُ تَامًّا مَفْهُومًا، قَالَ: وَمِنْهُ الْمَثَلُ كلَّا زَعَمْتَ العِيرُ لَا تُقاتلُ؛ وَقَالَ الأَعشى:

كَلَّا زَعَمْتُمْ بأَنَّا لَا نُقاتِلُكُمْ، ... إِنَّا لأَمْثالِكُمْ، يَا قَوْمَنا، قُتُلُ

قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَهَذَا غَلَطٌ مَعْنَى كَلَّا فِي الْبَيْتِ. وَفِي الْمَثَلِ: لَا، لَيْسَ الأَمر عَلَى مَا تَقُولُونَ. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبا الْعَبَّاسِ يَقُولُ لَا يُوقَفُ عَلَى كلَّا فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ لأَنها جَوَابٌ، والفائدةُ تَقَعُ فِيمَا بَعْدَهَا، قَالَ: وَاحْتَجَّ السِّجِسْتَانِيُّ فِي أَنَّ كَلَّا بِمَعْنَى أَلا بِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى

، فَمعْناه أَلا؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بِمَعْنَى حَقًّا إِن الإِنسان لَيَطْغَى، وَيَجُوزَ أَن يَكُونَ رَدًّا كأَنه قَالَ: لَا، لَيْسَ الأَمر كَمَا تَظُنُّونَ. أَبو دَاوُدَ عَنِ النَّضْرِ: قَالَ الْخَلِيلُ قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ كلَّا فَهُوَ رَدٌّ إِلا مَوْضِعَيْنِ، فَقَالَ الْخَلِيلُ: أَنا أَقول كُلُّهُ رَدٌّ. وَرَوَى ابْنُ شُمَيْلٍ عَنِ الْخَلِيلِ أَنه قَالَ: كلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ كلَّا رَدٌّ يَرُدُّ شَيْئًا وَيُثْبِتُ آخَرَ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ كلَّاكَ واللهِ وبَلاكَ واللهِ، فِي مَعْنَى كَلَّا واللهِ، وبَلَى واللهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

تَقع فِتَنٌ كأَنَّها الظُّلَلُ، فَقَالَ أَعرابي: كَلَّا يَا رسولَ اللهِ

؛ قَالَ: كَلَّا رَدْع فِي الْكَلَامِ وَتَنْبِيهٌ وزَجْر، ومعناها انْتهِ لا تَفْعَل، إِلا أَنها آكَدُ فِي النَّفْيِ والرَّدْع مِنْ لَا لِزِيَادَةِ الْكَافِ، وَقَدْ ترِد بِمَعْنَى حَقًّا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ

. والظُّلَلُ: السَّحَابُ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.

كمي: كَمَى الشيءَ وتَكَمَّاه: سَتَرَه؛ وَقَدْ تَأَوَّل بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ:

بَلْ لَوْ شَهِدْتَ الناسَ إِذْ تُكُمُّوا


(١). قَوْلُهُ [فبرق نعاج] كذا في الأصل والمحكم، والذي في معجم ياقوت: فبرق فعاج، بفاء العطف.
(٢). قوله [مذهب سيبويه] كذا في الأصل، والذي في تهذيب الأزهري: مذهب الخليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>