للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَوْلُ الهُذَليِّ:

لَعَمْرُ أَبي عَمْرو، لَقَدْ ساقَه المُنى ... إِلى جَدَثٍ، يُورَى لَهُ بالأَهاضِبِ

أَراد: الأَهاضِيبَ، فحَذَفَ اضْطراراً. والهَضْبة: المَطْرَةُ الدَّائِمَةُ، العظيمةُ القَطْرِ؛ وَقِيلَ: الدُّفْعةُ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ هِضَبٌ، مِثْلُ بَدْرَةٍ وبِدَرٍ، نادرٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

فباتَ يُشْئِزهُ فَأْدٌ، ويُسْهِرُه ... تَذَؤُّبُ الرِّيحِ، والوَسْواسُ، والهِضَبُ

وَيُرْوَى: والهَضَبُ، وَهُوَ جَمْعُ هاضِبٍ، مِثْلُ تابعٍ وتَبَعٍ، وباعدٍ وبَعَدٍ، وَهِيَ الأُهْضُوبةُ. الْجَوْهَرِيُّ: والأَهاضِيبُ واحدُها هِضابٌ، وواحدُ الهِضابِ هَضْبٌ، وَهِيَ جَلَباتُ القَطْرِ، بَعْدَ القَطْرِ؛ وَتَقُولُ: أَصابتهم أُهْضوبةٌ مِنَ الْمَطَرِ، وَالْجَمْعُ الأَهاضِيبُ. وهَضَبَتْهم السماءُ أَي مَطَرَتْهم. وَفِي حَدِيثِ

لَقِيطٍ: فأَرْسِل السَّمَاءَ بهَضْبٍ

أَي مَطَرٍ، ويُجْمَع عَلَى أَهْضابٍ ثُمَّ أَهاضِيبَ، كقَوْلٍ وأَقْوالٍ وأَقاويلَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: تَمْريهِ الجَنُوبُ دِرَرَ أَهاضِيبِه

؛ وَفِي وَصْفِ بَنِي تَمِيمٍ: هَضْبةٌ حَمْراءُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ أَراد بالهَضْبة المَطْرةَ الْكَثِيرَةَ القَطر؛ وَقِيلَ: أَراد بِهِ الرابيةَ. وهَضَبَتِ السماءُ: دامَ مَطَرُها أَياماً لَا يُقْلِعُ. وهَضَبَتْهُم: بلَّتْهم بَلَلًا شَدِيدًا. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الهَضْبَةُ دَفْعةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ مَطَرٍ، ثُمَّ تَسْكُن، وَكَذَلِكَ جَرْية واحدةٌ؛ وأَنشد للكُمَيْت يَصِفُ فَرَساً:

مُخَيَّفٌ، بعضُه وَرْدٌ، وسائِرُهُ ... جَوْنٌ، أَفانِينُ إِجْرِيَّاه، لَا هَضَبُ

وإِجْرِيَّاه: جَرْيُه، وعادَةُ جَرْيِهِ. أَفانينُ أَي فُنُونٌ وأَلْوانٌ. لَا هَضَبُ: لَا لَوْنٌ واحِدٌ. وهَضَبَ فلانٌ فِي الْحَدِيثِ إِذا انْدَفَعَ فِيهِ، فأَكثر؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

لَا أُكْثِرُ القَوْلَ فِيمَا يَهْضِبُونَ بِهِ، ... مِنَ الكلامِ، قليلٌ مِنْهُ يَكْفينِي

وهَضَبَ القومُ واهْتَضَبوا فِي الْحَدِيثِ: خاضُوا فِيهِ دُفْعةً بَعْدَ دُفْعةٍ، وارْتَفَعَتْ أَصواتُهم؛ يُقَالُ: أَهْضِبُوا يَا قَوْم أَي تَكَلَّموا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنَّ أَصحابَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانُوا مَعَهُ فِي سَفَر، فعَرَّسوا وَلَمْ يَنْتبِهوا حَتَّى طَلَعَتِ الشمسُ، والنبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَائِمٌ، فَقَالُوا: أَهْضِبُوا

؛ مَعْنَى أَهْضِبُوا: تَكَلَّمُوا، وأَفِيضُوا فِي الْحَدِيثِ لِكَيْ يَنْتَبِهَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِكَلَامِهِمْ؛ يُقَالُ: هَضَبَ فِي الْحَدِيثِ وأَهْضَبَ إِذا انْدَفَعَ فِيهِ؛ كَرِهُوا أَن يُوقِظُوه، فأَرادوا أَن يَسْتَيْقِظَ بِكَلَامِهِمْ. وَيُقَالُ اهْتَضَبَ إِذا فَعَلَ ذَلِكَ؛ وَقَالَ الكُمَيْتُ يَصِفُ قَوْساً:

فِي كَفِّه نَبْعةٌ مُوَتَّرَةٌ، ... يَهْزِجُ إِنباضُها، ويَهْتَضِبُ

أَي يُرِنُّ فيُسْمَعُ لرَنِينِه صَوْتٌ. أَبو عَمْرٍو: هَضَبَ وأَهْضَبَ، وضَبَّ وأَضَبَّ: كلُّه كلامٌ فِيهِ جَهارةٌ. وَفِي النَّوَادِرِ: هَضَبَ القومُ، وضَهَبُوا، وهَلَبُوا، وأَلَبُوا، وحَطَبوا: كلُّه الإِكْثارُ، والإِسراعُ؛ وقولُ أَبي صَخْرٍ الْهُذَلِيِّ:

تَصابَيْتُ حَتَّى الليلِ، منهنَّ رَغْبَتي، ... رَوانيَ فِي يَوْمٍ، مِنَ اللَّهْوِ، هاضِبِ

مَعْنَاهُ: كَانُوا قَدْ هَضَبُوا فِي اللُّهْوِ؛ قَالَ: وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلا عَلَى النَّسَب أَي ذِي هَضْبٍ. ورجلٌ هَضْبةٌ أَي كَثِيرُ الْكَلَامِ. والهَضْبُ: الضَّخْمُ مِنَ الضِّبابِ وَغَيْرِهَا. وسُرِقَ لأَعْرابيةٍ ضَبٌّ، فحُكِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>