للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَمَانِيَّ نُسِب إِلى أَنْ الْقَائِلَ إِذا قَالَ مَا لَا يَعْلَمُهُ فكأَنه إِنما يَتَمَنَّاه، وَهَذَا مستَعمل فِي كَلَامِ النَّاسِ، يَقُولُونَ لِلَّذِي يَقُولُ مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَهُوَ يُحبه: هَذَا مُنًى وَهَذِهِ أُمْنِيَّة. وَفِي حَدِيثِ

الْحَسَنِ: لَيْسَ الإِيمانُ بالتَّحَلِّي وَلَا بالتَّمَنِّي وَلَكِنْ مَا وَقَر فِي الْقَلْبِ وصَدَّقَتْه الأَعْمال

أَي لَيْسَ هُوَ بِالْقَوْلِ الَّذِي تُظهره بِلِسَانِكَ فَقَطْ، وَلَكِنْ يَجِبُ أَن تَتْبَعَه معرِفةُ الْقَلْبِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ التَّمَنِّي الْقِرَاءَةُ والتِّلاوة. يُقَالُ: تَمَنَّى إِذا قرأَ. والتَّمَنِّي: الكَذِب. وَفُلَانٌ يَتَمَنَّى الأَحاديث أَي يَفْتَعِلها، وَهُوَ مَقْلُوبٌ مِنَ المَيْنِ، وَهُوَ الْكَذِبُ. وَفِي حَدِيثِ

عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا تَغَنَّيْتُ وَلَا تَمَنَّيْتُ وَلَا شَرِبت خَمراً فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسلام

، وَفِي رِوَايَةٍ:

مَا تَمَنَّيْتُ مُنْذُ أَسلمت

أَي مَا كَذَبْت. والتَّمَنِّي: الكَذِب، تَفَعُّل مِن مَنَى يَمْنِي إِذا قَدَّر لأَن الْكَاذِبَ يُقدِّر فِي نَفْسِهِ الْحَدِيثَ ثُمَّ يَقُولُهُ، وَيُقَالُ للأَحاديث الَّتِي تُتَمَنَّى الأَمَانِيُّ، وَاحِدَتُهَا أُمْنِيّةٌ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:

فَلَا يغُرَّنْكَ مَا مَنَّتْ وَمَا وعَدَتْ، ... إِنَّ الأَمَانِيَّ والأَحْلامَ تَضلِيلُ

وتَمَنَّى: كَذَبَ ووضَعَ حَدِيثًا لَا أَصل لَهُ. وتَمَنَّى الحَديث: اخْتَرَعَهُ. وَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ دَأْبٍ وَهُوَ يُحدِّث: أَهذا شَيْءٌ رَوَيْتَه أَم شَيْءٌ تَمَنَّيْته؟ مَعْنَاهُ افْتَعَلْتَه واخْتَلَقْته وَلَا أَصل لَهُ. وَيَقُولُ الرَّجُلُ: وَاللَّهِ مَا تَمَنَّيْت هَذَا الْكَلَامَ وَلَا اخْتَلَقْته. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مُنْيةُ النَّاقَةِ الأَيام الَّتِي يُتعَرَّف فِيهَا أَلاقِحٌ هِيَ أَم لَا، وَهِيَ مَا بَيْنَ ضِرابِ الفَحْل إِياها وَبَيْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَهِيَ الأَيام الَّتِي يُسْتَبْرَأُ فِيهَا لَقاحُها مِنْ حِيالها. ابْنُ سِيدَه: المُنْيَةُ والمِنْيَة أَيّام النَّاقَةِ الَّتِي لَمْ يَسْتَبِنْ فِيهَا لَقاحُها مِنْ حِيالها، وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ فِي أَوَّل مَا تُضرب: هِيَ فِي مُنْيَتِها، وَذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَمُوا أَبها حَمْلٌ أَم لَا، ومُنْيَةُ البِكْر الَّتِي لَمْ تَحْمِلْ قَبْلَ ذَلِكَ عشرُ لَيَالٍ، وَمُنْيَةُ الثِّنْي وَهُوَ الْبَطْنُ الثَّانِي خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، قِيلَ: وَهِيَ مُنْتَهَى الأَيام، فإِذا مَضَتْ عُرف أَلاقِح هِيَ أَم غَيْرُ لَاقِحٍ، وَقَدِ استَمْنَيْتُها. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: البِكْرُ مِنَ الإِبل تُسْتَمْنَى بَعْدَ أَربع عَشْرَةَ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ، والمُسِنَّةُ بَعْدَ سَبْعَةِ أَيام، قَالَ: والاسْتِمْنَاء أَن يأْتي صَاحِبُهَا فَيَضْرِبَ بِيَدِهِ عَلَى صَلاها ويَنْقُرَ بِهَا، فإِن اكْتارَتْ بِذَنَبِهَا أَو عَقَدت رأْسها وَجَمَعَتْ بَيْنَ قُطْرَيها عُلِم أَنها لَاقِحٌ؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:

قامَتْ تُريكَ لَقاحاً بعدَ سابِعةٍ، ... والعَيْنُ شاحِبةٌ، والقَلْبُ مَسْتُورُ

قَالَ: مَسْتُورٌ إِذا لَقِحَت ذهَب نَشاطُها.

كأَنَّها بصَلاها، وهْي عاقِدةٌ، ... كَوْرُ خِمارٍ عَلَى عَذْراءَ مَعْجُورُ

قَالَ شَمِرٌ: وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ مُنْيَةُ القِلاصِ والجِلَّةِ سَواء عَشْرُ لَيَالٍ: وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه قَالَ: تُمْتَنَى القِلاصُ لِسَبْعِ لَيَالٍ إِلا أَن تَكُونَ قَلُوص عَسْراء الشَّوَلانِ طَويلة المُنية فتُمْتَنى عَشْرًا وَخَمْسَ عَشْرَةَ، والمُنْيَة الَّتِي هِيَ المُنْية سَبْعٌ، وَثَلَاثٌ للقِلاص وللجِلَّةِ عَشْر لَيالٍ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ يَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ تُمْتَنى القِلاصُ لِسَبْعٍ: إِنَّهُ خطأٌ، إِنما هُوَ تَمْتَني القِلاصُ، لَا يَجُوزُ أَن يُقَالَ امْتَنَيْتُ الناقةَ أَمْتَنِيها، فَهِيَ مُمْتَناةٌ، قَالَ: وَقُرِئَ عَلَى نُصَير وأَنا حَاضِرٌ. يُقَالُ: أَمْنَتِ الناقةُ فَهِيَ تُمْنِي إِمْنَاء، فَهِيَ مُمْنِيةٌ ومُمْنٍ، وامْتَنَتْ، فَهِيَ مُمْتَنِيَة إِذا كَانَتْ فِي مُنْيَتِها عَلَى أَن الفِعل لَهَا دُونَ راعِيها، وَقَدِ امْتُنيَ لِلْفَحْلِ؛ قَالَ: وأَنشد فِي ذَلِكَ لِذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ بَيْضَةً:

<<  <  ج: ص:  >  >>