والنُّهَى: العَقْل، يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى. *
والنُّهْيَةُ: الْعَقْلُ، بِالضَّمِّ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها تَنْهَى عَنِ الْقَبِيحِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للخَنساء:
فَتًى كَانَ ذَا حِلْمٍ أَصِيلٍ ونُهْيَةٍ، ... إِذا مَا الحُبَا مِن طائِفِ الجَهْل حُلَّتِ
وَمِنْ هُنَا اخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَن يَكُونَ النُّهَى جَمْعَ نُهْيَةٍ، وَقَدْ صَرَّحَ اللِّحْيَانِيُّ بأَن النُّهَى جَمْعُ نُهْيَة فأَغْنَى عَنِ التأْويل. وَفِي الْحَدِيثِ:
لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولو الأَحلام والنُّهَى
؛ هِيَ الْعُقُولُ والأَلباب. وَفِي حَدِيثِ
أَبي وَائِلٍ: قَدْ عَلِمْتُ أَن التَّقِيَّ ذُو نُهْيَةٍ
أَي ذُو عَقْلٍ. والنِّهَايَة والمَنْهَاة: الْعَقْلُ كالنُّهْية. وَرَجُلٌ مَنْهَاةٌ: عاقلٌ حَسَنُ الرأْي؛ عَنْ أَبي الْعَمَيْثَلِ. وَقَدْ نَهُو مَا شَاءَ فَهُوَ نَهِيٌّ، مِنْ قَوْمٍ أَنْهِيَاء: كُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْعَقْلِ. وَفُلَانٌ ذُو نُهْيَةٍ أَي ذُو عَقْلٍ يَنْتَهِي بِهِ عَنِ الْقَبَائِحِ وَيَدْخُلُ فِي الْمَحَاسِنِ. وَقَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ: ذُو النُّهْيَةِ الَّذِي يُنْتَهَى إِلى رأْيه وَعَقْلِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ نَهِيٌّ مِنْ قَوْمٍ أَنْهِيَاء، ونَهٍ مِنْ قَوْمٍ نَهِينَ، ونِهٍ عَلَى الإِتباع، كُلُّ ذَلِكَ مُتَناهي الْعَقْلِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ قِيَاسُ النَّحْوِيِّينَ فِي حُرُوفِ الْحَلْقِ، كَقَوْلِكَ فِخِذ فِي فَخِذ وصِعِق فِي صَعِق، قَالَ: وَسُمِّيَ الْعَقْلُ نُهْيَةً لأَنه يُنْتَهى إِلى مَا أَمَر بِهِ وَلَا يُعْدى أَمْرُه. وَفِي قَوْلِهِمْ: نَاهِيكَ بِفُلَانٍ مَعْنَاهُ كافِيكَ بِهِ، مِنْ قَوْلِهِمْ قَدْ نَهَى الرجلُ مِنَ اللَّحْمِ وأَنْهَى إِذا اكْتَفى مِنْهُ وشَبِع؛ قَالَ:
يَمْشُونَ دُسْماً حَوْلَ قُبَّتِهِ، ... يَنْهَوْنَ عَنْ أَكْلٍ وعَنْ شُرْب
فَمَعْنَى يَنْهَوْن يَشْبَعُونَ وَيَكْتَفُونَ؛ وَقَالَ آخَرُ:
لَوْ كانَ مَا واحِداً هَواكِ لقدْ ... أَنْهَى، ولكنْ هَواكِ مُشْتَرَكُ
وَرَجُلٌ نَهْيُكَ مِن رَجُلٍ، ونَاهِيك مِنْ رَجُلٍ، ونَهَاكَ مِنْ رجلٍ أَي كَافِيكَ مِنْ رَجُلٍ، كلُّه بِمَعْنًى: حَسْب، وتأْويله أَنه بجِدِّه وغَنائه يَنْهاكَ عَنْ تَطَلُّب غَيْرِهِ؛ وَقَالَ:
هُوَ الشَّيخُ الَّذِي حُدِّثْتَ عنهُ، ... نَهَاكَ الشَّيْخُ مَكْرُمةً وفَخْرا
وَهَذِهِ امرأَةٌ نَاهِيَتُك مِنِ امرأَة، تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَتُثَنَّى وَتُجْمَعُ لأَنه اسْمُ فَاعِلٍ، وإِذا قُلْتَ نَهْيُك مِنْ رَجُلٍ كَمَا تَقُولُ حَسْبُك مِنْ رَجُلٍ لَمْ تُثَنَّ وَلَمْ تُجْمَعْ لأَنه مَصْدَرٌ. وَتَقُولُ فِي الْمَعْرِفَةِ: هَذَا عبدُ اللَّهِ ناهِيَك مِنْ رَجُلٍ فَتَنْصِبُهُ عَلَى الْحَالِ. وجَزُورٌ نَهِيَّةٌ، عَلَى فَعِيلة، أَي ضَخْمَةٌ سَمِينَةٌ. ونِهاءُ النَّهَارِ: ارتفاعُه قرابَ نِصْفِ النَّهَارِ. وَهُمْ نُهاءُ مِائَةٍ ونِهاء مِائَةٍ أَي قَدْرُ مِائَةٍ كَقَوْلِكَ زُهاء مِائَةٍ. والنُّهاء: الْقَوَارِيرُ «٢»، قِيلَ: لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا، وَقِيلَ: وَاحِدَتُهُ نَهاءَةٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَقِيلَ: هُوَ الزُّجَاج عَامَّةً؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد:
تَرُضُّ الحَصى أَخْفافُهُنَّ كأَنما ... يُكَسَّرُ قَيْضٌ، بَيْنها، ونُهَاءُ
قَالَ: وَلَمْ يُسْمَعْ إِلا فِي هَذَا الْبَيْتِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: النُّهَا الزُّجَاج، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، وَهَذَا الْبَيْتُ أَنشده الْجَوْهَرِيُّ: تَرُدُّ الْحَصَى أَخفافُهن؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي تَرُضُّ الْحَصَى، وَرَوَاهُ النِّهَاء، بِكَسْرِ النُّونِ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع النِّهاء مَكْسُورَ الأَول إِلا فِي هَذَا الْبَيْتِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وروايته
(٢). قوله [والنُّهَاء القوارير وقوله والنُّهَاء حجر إلخ] هكذا ضبطا في الأصل ونسخة من المحكم، وفي القاموس: أنهما ككساء.