للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آذَنَ النَّاوِي ببَيْنُونةٍ، ... ظَلْتُ منْها كمُرِيغِ المُدام

النَّاوِي: الَّذِي أَزْمَعَ عَلَى التحوُّل. والنَّوَى: النِّيَّة وَهِيَ النِّيَة، مُخَفَّفَةٌ، وَمَعْنَاهَا الْقَصْدُ لِبَلَدٍ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي أَنت فِيهِ مُقِيمٌ. وَفُلَانٌ يَنْوِي وَجْهَ كَذَا أَي يَقْصِدُهُ مِنْ سَفَرٍ أَو عَمَلٍ. والنَّوَى: الوجهُ الَّذِي تَقْصِدُهُ. التَّهْذِيبِ: وَقَالَ أَعرابي مِنْ بَنِي سُليم لِابْنٍ لَهُ سَمَّاهُ إِبراهيم نَاوَيْتُ بِهِ إِبراهيمَ أَي قَصَدْتُ قَصْدَه فتبرَّكت بِاسْمِهِ. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: ومَنْ يَنْوِ الدُّنْيَا تُعْجِزْه

أَي مَنْ يَسْعَ لَهَا يَخِبْ، يُقَالُ: نَوَيْتُ الشيءَ إِذا جَدَدْتَ فِي طَلَبِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

نِيَّةُ الرَّجُلِ خَيرٌ مِنْ عَمَلِهِ

، قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بِمُخَالِفٍ

لِقَوْلِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ نَوَى حَسَنَةً فَلَمْ يَعْملها كُتِبت لَهُ حَسَنَةً، وَمَنْ عَمِلَها كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا

؛ وَالْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ

نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ

أَنه يَنْوي الإِيمان مَا بَقِيَ، وَيَنْوِي الْعَمَلَ لِلَّهِ بِطَاعَتِهِ مَا بَقِيَ، وإِنما يُخَلِّدُهُ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ لَا بِعَمَلِهِ، أَلا تَرَى أَنه إِذا آمَنَ «١» وَنَوَى الثَّبَاتَ عَلَى الإِيمان وأَداء الطَّاعَاتِ ما بقيت وَلَوْ عَاشَ مِائَةَ سَنَةً يَعْمَلُ الطَّاعَاتِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِيهَا أَنه يَعْمَلُهَا لِلَّهِ فَهُوَ فِي النَّارِ؟ فَالنِّيَّةُ عَمَلُ الْقَلْبِ، وَهِيَ تَنْفَعُ النَّاوِيَ وإِن لَمْ يَعْمَلِ الأَعمال، وأَداؤها لَا يَنْفَعُهُ دُونَهَا، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ

نِيَّة الرَّجُلِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ.

وَفُلَانٌ نَواكَ ونِيَّتُك ونَواتُك؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

صَرَمَتْ أُمَيْمَةُ خُلَّتي وصِلاتي، ... ونَوَتْ ولَمَّا تَنْتَوِي كنَوَاتِي

الْجَوْهَرِيُّ: نَوَيْتُ نِيَّةً ونَواةً أَي عَزَمْتُ، وانْتَوَيْتُ مِثْلُهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

ونَوَتْ ولَمَّا تَنْتَوِي كنَوَاتِي

قَالَ: يَقُولُ لَمْ تَنْوِ فِيَّ كَمَا نَوَيْتُ فِي مَوَدَّتِهَا، وَيُرْوَى: وَلَمَّا تَنْتَوِي بنَوَاتِي أَي لَمْ تَقْضِ حَاجَتِي؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِقَيْسِ بْنُ الْخَطِيمِ:

وَلَمْ أَرَ كامْرِئٍ يَدْنُو لخَسْفٍ، ... لَهُ فِي الأَرض سَيْرٌ وانْتِوَاءُ

وَحَكَى أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ عَنِ أَبي الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٍ أَن الرِّيَاشَيَّ أَنشده لمُؤرِّج:

وفَارَقْتُ حَتَّى لَا أُبالي مَنِ انْتَوَى، ... وإِنْ بانَ جيرانٌ عَليَّ كِرامُ

وَقَدْ جَعَلَتْ نَفْسي عَلَى النَّأْي تَنْطوي، ... وعَيْني عَلَى فَقْدِ الحبيبِ تَنامُ

يُقَالُ: نَوَاه بنَوَاتِه أَي ردَّه بِحَاجَتِهِ وَقَضَاهَا لَهُ. وَيُقَالُ: لِي فِي بَنِي فُلَانٍ نَوَاةٌ ونِيَّةٌ أَي حَاجَةٌ. والنِّيَّةُ والنَّوَى: الْوَجْهُ الَّذِي تُرِيدُهُ وتَنْويه. وَرَجُلٌ مَنْوِيٌّ «٢» ونِيَّةٌ مَنْوِيَّةٌ إِذا كَانَ يُصِيبُ النُّجْعة الْمَحْمُودَةَ. وأَنْوَى الرجلُ إِذا كَثُرَ أَسفاره. وأَنْوَى إِذا تَبَاعَدَ. والنَّوِيُّ: الرَّفِيقُ، وَقِيلَ: الرَّفِيقُ فِي السَّفَرِ خَاصَّةً. ونَوَّيْتُه تَنْوِيَةً أَي وَكَلْتُه إِلى نِيَّتِه. ونَوِيُّك: صاحبُك الَّذِي نِيَّتُهُ نِيَّتُكَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

وَقَدْ عَلِمْت، إِذ دُكَيْنٌ لِي نَوِي، ... أَنَّ الشَّقِيَّ يَنْتَحي لَهُ الشَّقِي

وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: فُلَانٌ نَوِيُّ الْقَوْمِ ونَاوِيهِمْ ومُنْتَويهم أَي صَاحِبُ أَمرهم ورأْيهم. ونَوَاهُ اللهُ: حَفِظَهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ. التَّهْذِيبُ:


(١). قوله [أَلَا تَرَى أَنَّهُ إِذَا آمن إلخ] هكذا في الأصل، ولعله سقط من قلم الناسخ جواب هذه الجملة، والأصل والله أعلم: فهو في الجنة ولو عاش إلخ.
(٢). قوله [ورجل منوي إلخ] هكذا في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>