للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابْنُ الأَعرابي:

إِنْ مَضَى الحَوْلُ وَلَمْ آتِكُمُ ... بِعَناجٍ تَهتدِي أَحْوَى طِمِرْ

فَقَدْ يَجُوزُ أَن يُرِيدَ تَهْتَدِي بأَحوى، ثُمَّ حَذَفَ الْحَرْفَ وأَوصل الْفِعْلَ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَى تَهْتَدِي هُنَا تَطْلُب أَن يَهْدِيها، كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ اخْتَرَجْتُه فِي مَعْنَى اسْتَخْرَجَتُهُ أَي طَلَبْتُ مِنْهُ أَن يَخْرُج. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَدَاه اللهُ الطريقَ، وَهِيَ لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ، وهَداه للطَّريقِ وإِلى الطريقِ هِدايةً وهَداه يَهْدِيه هِدايةً إِذا دَلَّه عَلَى الطَّرِيقِ. وهَدَيْتُه الطَّريقَ والبيتَ هِداية أَي عرَّفته، لُغَةَ أَهل الْحِجَازِ، وَغَيْرُهُمْ يَقُولُ: هَدَيْتُه إِلى الطَّرِيقِ وإِلى الدَّارِ؛ حَكَاهَا الأَخفش. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ هَدَيْتُهُ الطَّرِيقَ بِمَعْنَى عَرَّفْتُهُ فيُعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، وَيُقَالُ: هَدَيْتُهُ إِلى الطَّرِيقِ وَلِلطَّرِيقِ عَلَى مَعْنَى أَرشَدْته إِليها فيُعدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ كأَرْشَدْتُ، قَالَ: وَيُقَالُ: هَدَيْتُ لَهُ الطريقَ عَلَى مَعْنَى بَيَّنْتُ لَهُ الطَّرِيقَ، وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ

، وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ

، وَفِيهِ: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ

، مَعْنَى طَلَب الهُدَى مِنْهُ تَعَالَى، وَقَدْ هَداهُم أَنهم قَدْ رَغِبُوا مِنْهُ تَعَالَى التَّثْبِيتَ عَلَى الْهُدَى، وَفِيهِ: وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ

، وَفِيهِ: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ

. وأَمّا هَدَيْتُ العَرُوس إِلى زَوْجِهَا فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اللَّامِ لأَنه بِمَعْنَى زَفَفْتها إِليه، وأَمَّا أَهْدَيْتُ إِلى الْبَيْتِ هَدْياً فَلَا يَكُونُ إِلا بالأَلف لأَنه بِمَعْنَى أَرْسَلْتُ فَلِذَلِكَ جَاءَ عَلَى أَفْعَلْتُ. وَفِي حَدِيثِ

مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ: بَلَغَنِي أَن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبي سَلِيط قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حارِثةَ، وَقَدْ أَخَّر صَلَاةَ الظُّهْرِ: أَكانوا يُصَلُّون هَذِهِ الصَّلَاةَ السَّاعةَ؟ قَالَ: لَا واللهِ، فَما هَدَى مِمّا رَجَعَ

أَي فَمَا بَيَّنَ وَمَا جَاءَ بحُجَّةٍ مِمّا أَجاب، إِنما قَالَ لَا واللهِ وسَكَتَ، والمَرْجُوعُ الْجَوَابُ فَلَمْ يجىءْ بِجَوَابٍ فِيهِ بَيَانٌ وَلَا حُجَّةَ لِمَا فَعَلَ مِنْ تأْخير الصَّلَاةِ. وهَدَى: بِمَعْنَى بيَّنَ فِي لُغَةِ أَهل الغَوْر، يَقُولُونَ: هَدَيْتُ لَكَ بِمَعْنَى بَيَّنْتُ لَكَ. وَيُقَالُ بِلُغَتِهِمْ نَزَلَتْ: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ

. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: رَجُل هَدُوٌّ عَلَى مِثَالِ عدُوٍّ، كأَنه مِنَ الهِداية، وَلَمْ يَحكها يَعْقُوبُ فِي الأَلفاظ الَّتِي حَصَرَهَا كحَسُوٍّ وفَسُوٍّ. وهَدَيْت الضالَّةَ هِدايةً. والهُدى: النَّهارُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

حَتَّى اسْتَبَنْتُ الهُدى، والبِيدُ هاجِمةٌ ... يخْشَعْنَ فِي الآلِ غُلْفاً، أَو يُصَلِّينا

والهُدى: إِخراج شَيْءٍ إِلى شَيْءٍ. والهُدى أَيضاً: الطاعةُ والوَرَعُ. والهُدَى: الْهَادِي فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً

؛ والطريقُ يسمَّى هُدًى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّمَّاخِ:

قَدْ وكَّلَتْ بالهُدى إِنسانَ ساهِمةٍ، ... كأَنه مِنْ تمامِ الظِّمْءِ مَسْمولُ

وَفُلَانٌ لَا يَهْدي الطريقَ وَلَا يَهْتَدي وَلَا يَهَدِّي وَلَا يَهِدِّي، وَذَهَبَ عَلَى هِدْيَتِه أَي عَلَى قَصْده فِي الْكَلَامِ وَغَيْرِهِ. وَخُذْ فِي هِدْيَتِك أَي فِيمَا كُنْتَ فِيهِ مِنَ الْحَدِيثِ والعَمَل وَلَا تَعْدِل عَنْهُ. الأَزهري: أَبو زَيْدٍ فِي بَابِ الْهَاءِ وَالْقَافِ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا حَدَّث بِحَدِيثٍ ثُمَّ عَدل عَنْهُ قَبْلَ أَن يَفْرُغ إِلى غَيْرِهِ: خُذْ عَلَى هِدْيَتِك، بِالْكَسْرِ، وقِدْيَتِك أَي خُذْ فِيمَا كُنْتَ فِيهِ وَلَا تَعْدِل عَنْهُ، وَقَالَ: كَذَا أَخبرني أَبو بَكْرٍ عَنْ شَمِرٍ، وَقَيَّدَهُ فِي كِتَابِهِ الْمَسْمُوعِ مِنْ شَمِرٍ: خُذْ فِي هِدْيَتِك وقِدْيَتِك أَي خُذْ فِيمَا كُنْتَ فِيهِ، بِالْقَافِ. ونَظَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>