للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِذَلِكَ الصَّبير «١»، وَهُوَ أَعْناقُ الغَمامِ السَّاطِعة فِي الأُفُق، ثم يَرْدُفُ الصِّبِيرَ الحَبيُّ، وَهُوَ مَا اسْتَكَفَّ مِنْهُ، وَهُوَ رَحا السَّحابَة، ثُمَّ الرَّبابُ تَحْتَ الحَبيِّ، وَهُوَ الَّذِي يَقْدُم الْمَاءَ، ثُمَّ روادفُه بَعْدَ ذَلِكَ؛ وأَنشد:

مَا رَعَدَتْ رَعْدَةً وَلَا بَرَقَتْ، ... لكِنَّها أَنْشَأَت لَنا خَلَقَهْ

فالماءُ يَجْرِي وَلَا نِظامَ لهُ، ... لَوْ يَجِدُ الماءُ مَخْرَجاً خَرَقَهْ

قَالَ: هَذِهِ صِفَةُ غَيْثٍ لَمْ يَكُنْ برِيحٍ وَلَا رَعْدٍ وَلَا بَرْق، وَلَكِنْ كَانَتْ دِيمةً، فَوَصَفَ أَنها أَغْدَقَتْ حَتَّى جَرَت الأَرضُ بغيرِ نِظَامٍ، ونِظامُ الْمَاءِ الأَوْدِيةُ. النَّضْرُ: الأَفاء القِطَعُ مِنَ الْغَيْمِ، وَهِيَ الفِرَقُ يَجِئن قِطَعاً كَمَا هِيَ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الْوَاحِدَةُ أَفاءةٌ، وَيُقَالُ هَفَاءةٌ أَيضاً. والهَفَا، مَقْصُورٌ: مَطَرٌ يَمْطُر ثُمَّ يَكُفُّ. أَبو زَيْدٍ: الهَفَاءَة، وَجَمْعُهَا الهَفَاء، نَحْوٌ مِنَ الرِّهْمة. الْعَنْبَرِيُّ: أَفاءٌ وأَفاءة؛ النَّضْرُ: هِيَ الهَفَاءة والأَفاءة والسُّدُّ والسَّماحِيقُ والجِلْبُ والجُلْبُ. غَيْرُهُ: أَفاء وأَفاءةٌ كأَنه أَبدل مِنَ الْهَاءِ هَمْزَةً، قَالَ: والهَفَاء مِنَ الغَلَط والزَّلَل مِثْلُهُ؛ قَالَ أَعرابي خيَّرَ امرأَته فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَنَدم:

إِلى اللَّهِ أَشْكُو أَنَّ مَيّاً تَحَمَّلَتْ ... بِعَقْلِيَ مَظلوماً، ووَلَّيْتُها الأَمْرَا

هَفَاء مِن الأَمْرِ الدَّنِيِّ، وَلَمْ أُرِدْ ... بِهَا الغَدْرَ يَوماً، فاسْتجازَت بيَ الغَدْرا

وهَفَتْ هافِيةٌ مِنَ النَّاسِ: طَرَأَتْ، وَقِيلَ: طَرَأَتْ عَنْ جَدْب، وَالْمَعْرُوفُ هَفَّتْ هافَّةٌ. وَرَجُلٌ هَفاةٌ: أَحْمق. والأَهْفَاء: الحَمْقَى مِنَ النَّاسِ. والهَفْو: الجُوع. وَرَجُلٌ هافٍ: جَائِعٌ. وَفُلَانٌ جَائِعٌ يَهْفُو فُؤادُه أَي يَخْفِقُ. والهَفْوَةُ: المَرُّ الْخَفِيفُ. والهَفاةُ: النَّظْرَةُ «٢»

هقي: هقَى الرَّجُلُ يَهْقِي هَقْياً وهَرَف يَهْرِفُ: هَذى فأَكثر؛ قَالَ:

أَيُتْرَكُ عَيرٌ قاعِدٌ وَسْطَ ثَلَّةٍ، ... وِعالاتُها تَهْقِي بأُمِّ حَبِيبِ؟

وأَنشد ابْنُ سِيدَهْ:

لَوْ أَنَّ شَيْخاً رَغِيبَ العَيْنِ ذَا أَبَلٍ ... يَرْتادُه لِمَعَدٍّ كُلِّها لَهَقَى

قَوْلُهُ: ذَا أَبَلٍ أَي ذَا سِياسةٍ للأُمور ورِفْق بِهَا. وَفُلَانٌ يَهْقِي بِفُلَانٍ: يَهْذِي؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وهَقَى فُلَانٌ فُلَانًا يَهْقِيه هَقْياً: تَناوَله بِمَكْرُوهٍ وبقَبيح. وأَهْقَى: أَفْسَدَ. وهَقَى قلبُه: كهَفَا؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ؛ وأَنشد:

فغَصَّ بِريقه وهَقَى حَشاه

هكا: الأَزهري: هاكاهُ إِذا اسْتَصْغَرَ عَقْلَه، وكاهاهُ فاخَره، وقد تقدم.

هلا: هَلا: زجر للخيل، وَقَدْ يُسْتَعَارُ للإِنسان؛ قَالَتْ لَيْلَى الأَخيلية:

وعَيَّرْتَني دَاءً بأُمِّكَ مثلُه، ... وأَيُّ حَصانٍ لَا يقالُ لَهَا هَلَى؟

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا عَلَى أَن لَامَ هَلَى يَاءٌ لأَن اللَّامَ يَاءٌ أَكثر مِنْهَا وَاوًا، وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ ذَكَرَهَا الْجَوْهَرِيُّ فِي بَابِ الأَلف اللَّيِّنَةِ، وَقَالَ: إِنه بَابٌ مَبْنِيٌّ


(١). قوله [فَإِذَا جَاوَزَتْ بِذَلِكَ الصَّبِيرَ] كذا في الأصل وتهذيب الأَزهري حرفاً فحرفاً ولا جواب لإذا، ولعله فذلك الصبير، فتحرفت الفاء بالباء
(٢). قوله [والهَفَاة النظرة] تبع المؤلف في ذلك الجوهري وغلطه الصاغاني، وقال: الصواب المطرة بالميم والطاء، وتبعه المجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>