للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْضُ النَّاسِ تَهْوَى إِليهم، بِمَعْنَى تَهْواهم، كَمَا قَالَ رَدِفَ لَكُمْ ورَدِفَكم؛ الأَخفش: تَهْوى إِليهم زَعَمُوا أَنه فِي التَّفْسِيرِ تَهْواهم؛ الْفَرَّاءُ: تَهْوِي إِليهم أَي تُسْرعُ. والهَوى أَيضاً: المَهْوِيُّ؛ قَالَ أَبو ذُؤيب:

زَجَرْتُ لَهَا طَيْرَ السَّنِيحِ، فإِنْ تَكُنْ ... هَواكَ الَّذِي تَهْوَى، يُصِبْكَ اجْتِنابُها

واسْتَهْوَتْه الشياطينُ: ذَهَبَتْ بهَواه وعَقْله. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ

؛ وَقِيلَ: اسْتَهْوَتْه استَهامَتْه وحَيَّرَتْه، وَقِيلَ: زيَّنت الشياطينُ لَهُ هَواه حَيْرانَ فِي حَالِ حَيْرَتِهِ. وَيُقَالُ للمُسْتَهام الَّذِي استَهامَتْه الجنُّ: اسْتَهْوَتْهُ الشياطينُ. الْقُتَيْبِيُّ: استَهْوَتْهُ الشَّياطينُ هَوَتْ بِهِ وأَذْهَبتْه، جَعَلَهُ مَنْ هَوَى يَهْوي، وَجَعَلَهُ الزَّجَّاجُ مَنْ هَوِيَ يَهْوَى أَي زيَّنت لَهُ الشياطينُ هَواه. وهَوى الرَّجلُ: ماتَ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

وَقَالَ الشَّامِتُونَ: هَوَى زِيادٌ، ... لِكُلِّ مَنِيَّةٍ سَببٌ مَتِينُ

قَالَ: وَتَقُولُ أَهْوَى فأَخذ؛ مَعْنَاهُ أَهْوى إِليه يَدَه، وَتَقُولُ: أَهْوى إِليه بيَدِه. وهاوِيةُ والهاوِيةُ: اسْمٌ مِنْ أَسماء جَهَنَّمَ، وَهِيَ مَعْرِفَةٌ بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ

؛ أَي مَسْكنه جهنمُ ومُسْتَقَرُّه النَّارُ، وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي لَهُ بَدَلٌ مَا يَسْكُنُ إِليه نارٌ حَامِيَةٌ. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ، فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ

: قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا دعاءٌ عَلَيْهِ كَمَا تَقُولُ هَوَتْ أُمه عَلَى قَوْلِ الْعَرَبِ؛ وأَنشد قَوْلُ كَعْبُ بْنُ سَعْدٍ الْغَنَوِيُّ يَرْثِي أَخاه:

هَوَتْ امُّه مَا يَبْعَثُ الصُّبْحُ غادِياً، ... وَمَاذَا يُؤَدِّي الليلُ حِينَ يَؤُوبُ «١»

وَمَعْنَى هَوَتْ أُمُّه أَي هلَكَت أُمُّه. وَتَقُولُ: هَوَت أُمُّه فَهِيَ هاوِيَةٌ أَي ثاكِلةٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُمّه هَاوِيَةٌ صارَتْ هاويةٌ مأْواه، كما تُؤْوي المرأَةُ ابْنَهَا، فَجَعَلَهَا إذْ لَا مأْوى لَهُ غَيْرَها أُمًّا لَهُ، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ

أُمُّ رأْسه تَهْوي فِي النَّارِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَوْ كَانَتْ هَاوِيَةٌ اسْمًا عَلَمًا لِلنَّارِ لَمْ يَنْصَرِفْ فِي الْآيَةِ. والهَاوِيَةُ: كلُّ مَهْواة لَا يُدْرَك قَعْرُها؛ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مِلْقَط الطَّائِيُّ:

يَا عَمْرُو لَوْ نالتْك أَرْماحُنا، ... كنتَ كمَنْ تَهْوِي بِهِ الهَاوِيَهْ

وَقَالُوا: إِذا أَجْدَبَ الناسُ أَتى «٢» الهَاوِي وَالْعَاوِي، فالهَاوِي الجَرادُ، وَالْعَاوِي الذئبُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِنَّمَا هُوَ الْغَاوِي، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، والهَاوِي، فَالْغَاوِي الجَرادُ، والهَاوِي الذِّئبُ لأَن الذِّئابَ تأْتي إِلَى الخِصْب. ابْنُ الأَعرابي: إِذَا أَخْصَب الزَّمانُ جَاءَ الْغَاوِي والهَاوِي؛ قَالَ: الْغَاوِي الجَراد وَهُوَ الغَوْغاء، والهَاوِي الذِّئَابُ لأَن الذِّئَابَ تَهْوي إِلَى الْخِصْبِ. قَالَ: وَقَالَ إِذَا جَاءَتِ السَّنَةُ جَاءَ مَعَهَا أَعوانُها، يَعْنِي الجَراد وَالذِّئَابَ والأَمراض. وَيُقَالُ: سمعتُ لأُذُني هَوِياًّ أَي دَوِيًّا، وَقَدْ هَوَت أُذُنه تَهْوِي. الْكِسَائِيُّ: هاوَأْتُ الرَّجل وهاوَيْتُه، فِي بَابِ مَا يُهْمَزُ وَمَا لَا يُهْمَزُ، ودارَأْتُه ودارَيْتُه. والهَواهي: الباطلُ واللَّغْوُ مِنَ الْقَوْلِ، وَقَدْ ذُكِرَ


(١). قوله [هَوَتْ أمه] قال الصاغاني رادًّا على الجوهري، الرواية: هوت عرسه، والمعروف: حين يثوب انتهى. لكن الذي في صحاح الجوهري هو الذي في تهذيب الأزهري.
(٢). قوله [إِذَا أَجْدَبَ النَّاسُ أَتَى إلخ] كذا في الأصل والمحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>