وَرُبَّمَا لَمْ يُردَّ فِي التَّثْنِيَةِ، وَيُثَنَّى عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاحِدُ الأَيادي يَداً كَمَا تَرَى مِثْلَ عَصاً ورَحاً ومَناً، ثُمَّ ثَنَّوْا فَقَالُوا يَدَيانِ ورَحَيانِ ومَنَوانِ؛ وأَنشد:
يَدَيان بَيْضاوانِ عنْدَ مُحَلِّمٍ ... قدْ يَمْنَعانِك بَيْنُهمْ أَن تُهْضَما
وَيُرْوَى: عِنْدَ مُحَرِّق؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ كَمَا أَنشده السِّيرَافِيُّ وَغَيْرُهُ:
قَدْ يَمْنَعانِك أَن تُضامَ وتُضْهَدا
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: وَتُجْمَعُ اليَدُ يَدِيّاً مِثْلَ عَبْدٍ وعَبيدٍ، وَتَجْمَعُ أَيْدِياً ثُمَّ تَجْمَعُ الأَيْدي عَلَى أَيْدِينَ، ثُمَّ تَجْمَعُ الأَيْدي أَيادِيَ؛ وأَنشد:
يَبْحَثْنَ بالأَرْجُلِ والأَيْدِينا ... بَحْثَ المُضِلَّات لِمَا يَبْغِينا
وَتُصْغُرُ اليَدُ يُدَيَّةً؛ وأَما قَوْلُهُ أَنشده سِيبَوَيْهِ لمضَرِّس بْنُ رِبْعِي الأَسدي:
فطِرْتُ بِمُنْصُلي فِي يَعْمَلاتٍ، ... دَوامي الأَيْدِ يَخْبِطْنَ السَّرِيحا
فإِنه احْتَاجَ إِلى حَذْفِ الْيَاءِ فَحَذَفَهَا وكأَنه تَوَهَّمَ التَّنْكِيرَ فِي هَذَا فَشَبَّهَ لَامَ الْمَعْرِفَةِ بِالتَّنْوِينِ مِنْ حَيْثُ كَانَتْ هَذِهِ الأَشياء مِنْ خَوَاصِّ الأَسماء، فَحُذِفَتِ الْيَاءَ لأَجل اللَّامِ كَمَا تَحْذِفُهَا لأَجل التَّنْوِينِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
لَا صُلْحَ بَيْني، فاعْلَمُوه، وَلَا ... بَيْنَكُمُ مَا حَمَلَتْ عاتِقِي
سَيْفِي، وَمَا كُنَّا بنَجْدٍ، وَمَا ... قَرْقَرَ قُمْرُ الوادِ بالشَّاهِقِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهَذِهِ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ يَحْذِفُونَ الْيَاءَ مِنَ الأَصل مَعَ الأَلف وَاللَّامِ فَيَقُولُونَ فِي المُهْتَدِي المُهْتَدِ، كَمَا يَحْذِفُونَهَا مَعَ الإِضافة فِي مِثْلِ قَوْلُ خُفَافِ بْنِ نُدْبَةَ:
كنَواحِ رِيشِ حَمامةٍ نَجْدِيَّةٍ، ... ومَسَحْتُ باللِّثَتَيْنِ عَصْفَ الإِثْمِدِ
أَراد كَنُوَاحِي، فَحَذَفَ الْيَاءَ لَمَّا أَضاف كَمَا كَانَ يَحْذِفُهَا مَعَ التَّنْوِينِ، وَالذَّاهِبُ مِنْهَا الْيَاءُ لأَن تَصْغِيرَهَا يُدَيَّةٌ، بِالتَّشْدِيدِ، لِاجْتِمَاعِ الْيَاءَيْنِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد سِيبَوَيْهِ بَيْتَ خُفَافِ: ومَسَحْتِ، بِكَسْرِ التَّاءِ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَن حَذْفَ الْيَاءِ فِي الْبَيْتِ لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ لَا غَيْرَ، قَالَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ لَامَ يَدٍ يَاءٌ قَوْلُهُمْ يَدَيْتُ إِليه يَداً، فأَما يُدَيَّةٌ فَلَا حُجَّةَ فِيهَا لأَنها لَوْ كَانَتْ فِي الأَصل وَاوًا لَجَاءَ تَصْغِيرُهَا يُدَيَّةً كَمَا تَقُولُ فِي غَرِيَّة غُرَيَّةً، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ لِذِي الثُّدَيَّةِ ذُو اليُدَيَّةِ، وَهُوَ الْمَقْتُولُ بنَهْرَوانَ. وَذُو اليَدَيْن: رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ يُقَالُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه كَانَ يَعمل بِيَدَيْهِ جَمِيعًا، وَهُوَ الَّذِي قَالَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
أَقَصُرَتِ الصلاةُ أَم نَسِيتَ
؟ وَرَجُلٌ مَيْدِيٌّ أَي مَقْطُوعُ الْيَدِ مِنْ أَصلها. واليُداء: وَجَعُ الْيَدِ. الْيَزِيدِيُّ: يَدِيَ فلان من يَدِه أَي ذَهَبَتْ يدُه ويَبِسَتْ. يُقَالُ: مَا لَهُ يَدِيَ مِنْ يَده، وَهُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ، كَمَا يُقَالُ تَرِبَتْ يَداه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الْكُمَيْتِ:
فأَيٌّ مَا يَكُنْ يَكُ، وَهْوَ مِنَّا ... بأَيْدٍ مَا وبَطْنَ وَلَا يَدِينا «١»
وبَطْنَ: ضَعُفْنَ ويَدِينَ: شَلِلْنَ. ابْنُ سِيدَهْ: يَدَيْتُه ضَرَبَتْ يدَه فَهُوَ مَيْدِيٌّ. ويُدِيَ: شَكا
(١). قوله [فأي] الذي في الأساس: فأياً، بالنصب.