للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

داخِلةً فِيمَا يُغْسَلُ وخارِجَةً مِمَّا لَا يُغسل، قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْمَعْنَى مَعَ المَرافِق لَمْ يَكُنْ فِي المَرافِق فَائِدَةٌ وَكَانَتِ الْيَدُ كُلُّهَا يَجِبُ أَن تُغسل، وَلَكِنَّهُ لَمَّا قِيلَ إِلَى المَرافِق اقتُطِعَتْ فِي الغَسْل مِنْ حَدِّ المِرْفَق. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَرَوَى النَّضْرُ عَنِ الْخَلِيلِ أَنه قَالَ إِذَا اسْتأْجرَ الرجلُ دابَّةً إِلَى مَرْوَ، فَإِذَا أَتى أَدناها فَقَدْ أَتى مَرْوَ، وَإِذَا قَالَ إِلَى مَدِينَةِ مَرْوَ فَإِذَا أَتى بَابَ الْمَدِينَةِ فَقَدْ أَتاها. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ

؛ إنَّ الْمَرَافِقَ فِيمَا يُغْسَلُ. ابْنُ سِيدَهْ قَالَ إِلَى مُنتهى لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: خَرَجْتُ مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا، وَهِيَ مِثْلُ حَتَّى إلَّا أَن لِحَتَّى فِعلًا ليس لإِلى. وتقول لِلرَّجُلِ: إِنَّمَا أَنا إِلَيْكَ أَي أَنت غَايَتِي، وَلَا تكونُ حَتَّى هُنَا فَهَذَا أَمْرُ إِلَى وأَصْلُه وَإِنِ اتَّسَعَتْ، وَهِيَ أَعمُّ فِي الْكَلَامِ مِنْ حَتَّى، تَقُولُ: قُمْتُ إِلَيْهِ فَتَجْعَلُهُ مُنْتَهاك مِنْ مَكَانِكَ وَلَا تَقُولُ حَتَّاه. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ*

؛ وأَنت لَا تَقُولُ سِرْتُ إِلَى زَيْدٍ تُرِيدُ مَعَهُ، فَإِنَّمَا جَازَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ*

لَمَّا كَانَ مَعْنَاهُ مَن ينضافُ فِي نُصرتي إِلَى اللَّهِ فَجَازَ لِذَلِكَ أَن تأْتي هُنَا بِإِلَى؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى

؛ وأَنت إِنَّمَا تَقُولُ هَلْ لَكَ فِي كَذَا، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ هَذَا دُعَاءً مِنْهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَهُ صَارَ تَقْدِيرُهُ أَدعوك أَو أُرْشِدُكَ إِلَى أَن تزكَّى؛ وَتَكُونُ إِلَى بِمَعْنَى عِنْدَ كَقَوْلِ الرَّاعِي:

صَناعٌ فَقَدْ سادَتْ إليَّ الغوانِيا

أَي عِنْدِي. وَتَكُونُ بِمَعْنَى مَعَ كَقَوْلِكَ: فلانٌ حليمٌ إِلَى أَدبٍ وفقْهٍ؛ وَتَكُونُ بِمَعْنَى فِي كَقَوْلِ النَّابِغَةِ:

فَلَا تَتْرُكَنِّي بالوَعِيدِ كأَنَّني ... إِلَى الناسِ مَطْلِيٌّ بِهِ القارُ أَجْرَبُ

قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا إلَيْكَ إِذَا قُلْتَ تَنَحَّ، قَالَ: وَسَمِعْنَا مِنَ العرَب مَن يُقَالُ لَهُ إلَيْكَ، فَيَقُولُ إِلَيَّ، كأَنه قِيلَ لَهُ تَنَحَّ، فَقَالَ أَتَنَحَّى، وَلَمْ يُستعمل الْخَبَرُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسماء الْفِعْلِ إلَّا فِي قَوْلِ هَذَا الأَعرابي. وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ:

وَلَيْسَ ثَمَّ طَرْدٌ وَلَا إلَيْكَ إلَيْكَ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ كَمَا تَقُولُ الطريقَ الطريقَ، ويُفْعَل بَيْنَ يَدَيِ الأُمراء، وَمَعْنَاهُ تَنَحَّ وابْعُدْ، وَتَكْرِيرُهُ للتأْكيد؛ وأَما قَوْلُ أَبي فِرْعَوْنَ يَهْجُو نَبَطِيَّةً اسْتَسْقَاهَا مَاءً:

إِذَا طَلَبْتَ الْمَاءَ قالَتْ لَيْكا، ... كأَنَّ شَفْرَيْها، إِذَا مَا احْتَكَّا،

حَرْفا بِرامٍ كُسِرَا فاصْطَكَّا

فَإِنَّمَا أَراد إلَيْكَ أَي تَنَحَّ، فَحُذِفَ الأَلف عُجْمَةً؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ لَيْكا مُرْدَفة، واحْتَكّا واصْطَكا غَيْرُ مُرْدَفَتَين، قَالَ: وَظَاهِرُ الْكَلَامِ عِنْدِي أَن يَكُونَ أَلف لَيْكَا رَوِيًّا، وَكَذَلِكَ الأَلف مِنَ احْتَكَّا وَاصْطَكَّا رَوِيٌّ، وَإِنْ كَانَتْ ضَمِيرَ الِاثْنَيْنِ؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ إلَيْكَ عَنِّي أَي أَمْسِكْ وكُفَّ، وَتَقُولُ: إليكَ كَذَا وَكَذَا أَي خُذْه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ القُطامي:

إِذَا التَّيَّارُ ذُو العضلاتِ قُلْنا: ... إلَيْك إلَيْك، ضاقَ بِهَا ذِراعا

وَإِذَا قَالُوا: اذْهَبْ إلَيْكَ، فَمَعْنَاهُ اشْتَغِلْ بنَفْسك وأَقْبِلْ عَلَيْهَا؛ وَقَالَ الأَعشى:

فاذْهَبي ما إلَيْكِ، أَدْرَكَنِي الحِلْمُ، ... عَداني عَنْ هَيْجِكُمْ إشْفاقي

وَحَكَى النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ عَنِ الْخَلِيلِ فِي قَوْلِكَ فَإِنِّي أَحْمَدُ إلَيْكَ اللَّهَ قَالَ: مَعْنَاهُ أَحمد مَعَكَ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>