للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَالِ، فَلَمَّا لَمْ يتحوَّل هَذَا الاسمُ عَنْ وقتِ الحالِ وَلَمْ يتباعدْ عَنْ ساعَتِك الَّتِي أَنت فِيهَا لَمْ يَتَمَكَّنْ وَلِذَلِكَ نُصِبت فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَلَمَّا أَرادوا أَن يُباعِدوها ويُحوِّلوها مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ وَلَمْ تَنْقَدْ كَقَوْلِكَ أَن تَقُولُوا «١» الآنَئِذ، عَكَسُوا ليُعْرَفَ بِهَا وقتُ مَا تَباعَدَ مِنَ الْحَالِ فَقَالُوا حِينَئِذٍ، وَقَالُوا الْآنَ لساعَتِك فِي التَّقْرِيبِ، وَفِي الْبُعْدِ حِينَئِذٍ، ونُزِّل بِمَنْزِلَتِهَا الساعةُ وساعَتَئذ وَصَارَ فِي حَدِّهِمَا الْيَوْمُ وَيَوْمَئِذٍ، والحروفُ الَّتِي وَصَفْنَا عَلَى مِيزَانِ ذَلِكَ مخصوصةٌ بِتَوْقِيتٍ لَمْ يُخَصّ بِهِ سَائِرُ أَزْمَانِ الأَزمنة نَحْوُ لَقِيته سَنةَ خَرَجَ زَيْدٌ، ورأَيتُه شَهْرَ تَقَدَّم الحَجَّاجُ؛ وَكَقَوْلِهِ:

فِي شَهْرَ يَصْطادُ الغُلامُ الدُّخَّلا

فَمَنْ نَصَبَ شَهْرًا فإِنه يَجْعَلُ الإِضافة إِلى هَذَا الْكَلَامِ أَجمع كَمَا قَالُوا زَمَنَ الحَجَّاجُ أَميرٌ. قَالَ اللَّيْثُ: فإِنَّ. «٢» .... إِذ بِكَلَامٍ يَكُونُ صِلَةً أَخرجتها مِنْ حَدِّ الإِضافة وَصَارَتِ الإِضافة إِلى قَوْلِكَ إِذ تَقُولُ، وَلَا تَكُونُ خَبَرًا كَقَوْلِهِ:

عَشِيَّةَ إِذْ تَقُولُ يُنَوِّلُوني

كَمَا كَانَتْ فِي الأَصل حَيْثُ جَعَلْتَ تَقُولُ صِلةً أَخرجتها مِنْ حَدِّ الإِضافة «٣» وَصَارَتِ الإِضافة إِذ تَقُولُ جُمْلَةً. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ إِذْ صَبِيٌّ أَي هُو إِذْ ذَاكَ صَبِيٌّ؛ وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

نَهَيْتُك عَنْ طِلابِكَ أُمَّ عَمْرٍو ... بِعافِيَةٍ، وأَنْتَ إِذٍ صَحِيحُ

قَالَ: وَقَدْ جَاءَ أَوانَئِذٍ فِي كَلَامِ هُذَيْلٍ؛ وأَنشد:

دَلَفْتُ لَهَا أَوانَئِذٍ بسَهْمٍ ... نَحِيضٍ لَمْ تُخَوِّنْه الشُّرُوجُ

قَالَ ابْنُ الأَنباري فِي إِذْ وإذا

إِذا: إِنما جَازَ لِلْمَاضِي أَن يَكُونَ بِمَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ إِذا وَقَعَ الْمَاضِي صِلَةً لِمُبْهَم غَيْرِ مُؤَقت، فجَرى مَجْرى قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ؛ مَعْنَاهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ ويَصُدُّون عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ؛ مَعْنَاهُ إِلا الَّذِينَ يَتُوبُونَ، قَالَ: وَيُقَالُ لَا تَضْرِب إِلا الَّذِي ضَرَبَك إِذا سَلَّمْتَ عَلَيْهِ، فتَجِيء بإِذا لأَنَّ الَّذِي غَيْرُ مُوَقت، فَلَوْ وَقَّته فَقَالَ اضْرِبْ هَذَا الَّذِي ضَرَبَك إِذ سلَّمْتَ عَلَيْهِ، لَمْ يَجُزْ إِذا فِي هَذَا اللَّفْظِ لأَن تَوْقِيتَ الَّذِي أَبطل أَن يَكُونَ الْمَاضِي فِي مَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ، وَتَقُولُ الْعَرَبُ: مَا هَلَكَ امْرُؤٌ عَرَفَ قَدْرَه، فإِذا جاؤوا بإِذا قَالُوا مَا هَلَكَ إِذا عَرَفَ قَدْرَه، لأَن الفِعل حَدَثٌ عَنْ مَنْكُورٍ يُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ، كأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يُرِيدُ مَا يَهْلِكُ كُلَّ امْرِئٍ إِذا عَرَف قَدْرَه وَمَتَى عَرَف قَدْرَهُ، وَلَوْ قَالَ إِذْ عَرَفَ قَدْرَهُ لَوَجَبَ تَوْقِيتُ الْخَبَرِ عَنْهُ وأَن يُقَالَ مَا هَلَك امْرُؤٌ إِذْ عرَف قَدْرَهُ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ قَدْ كنتُ صَابِرًا إِذا ضَرَبْتَ وَقَدْ كنتُ صَابِرًا إِذ ضَربتَ، تَذهب بإِذا إِلى ترْدِيد الْفِعْلِ، تُريد قَدْ كنتُ صَابِرًا كلَّما ضَرَبْتَ، وَالَّذِي يَقُولُ إِذْ ضَرَبْتَ يَذْهَبُ إِلى وَقْتٍ وَاحِدٍ وإِلى ضَرْبٍ مَعْلُومٍ مَعْرُوفٍ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِذْ إِذَا وَلِيَ فِعْلًا أَو اسْمًا لَيْسَ فِيهِ أَلف وَلَامٌ إِن كَانَ الْفِعْلُ مَاضِيًا أَو حَرْفًا مُتَحَرِّكًا فَالذَّالُ مِنْهَا سَاكِنَةٌ، فإِذا وَلِيَتِ اسْمًا بالأَلف وَاللَّامِ جُرَّت الذَّالُ كَقَوْلِكَ: إِذِ الْقَوْمُ كَانُوا نازِلينَ بكاظِمةَ، وإِذِ النَّاسُ مَن عَزَّ بَزَّ، وأَما إذا

إِذا فإِنها إِذا اتَّصَلَتْ


(١). قوله [كقولك أن تقولوا إلخ] كذا بالأصل، وقوله [أزمان الأزمنة] كذا به أيضاً.
(٢). كذا بياض بالأصل.
(٣). قوله [أَخْرَجْتَهَا مِنْ حَدِّ الْإِضَافَةِ إِلى قوله قال الفراء] كذا بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>