للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّجاكُ مُحالًا لأَنك لَا تُضِيفُ فِيهِ أَلفاً وَلَامًا، قَالَ: وَكَذَلِكَ كَافُ ذلكَ لَيْسَ بِاسْمٍ. ابْنُ الْمُظَفَّرِ: الْهَاءُ حَرْفٌ هَشٌّ لَيِّنٌ قَدْ يَجِيءُ خَلَفاً مِنَ الأَلف الَّتِي تُبْنَى لِلْقَطْعِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ الرَّجُلَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يُعْطى كِتابه بيَمِينه، فإِذا قرأَه رأَى فِيهِ تَبْشِيرَه بِالْجَنَّةِ فيُعْطِيه أَصْحابَهُ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤوا كِتابي أَي خُذُوه واقْرؤوا مَا فِيه لِتَعْلَمُوا فَوْزي بِالْجَنَّةِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: إِنِّي ظَنَنْتُ، أَي عَلِمْتُ، أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ. وَفِي هَاءٍ بِمَعْنَى خُذْ لغاتٌ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ هاءَ يَا رَجُل، وهاؤُما يَا رجلانِ، وهاؤُمْ يَا رِجالُ. وَيُقَالُ: هاءِ يَا امرأَةُ، مَكْسُورَةً بِلَا يَاءٍ، وهائِيا يَا امرأَتانِ، وهاؤُنَّ يَا نِسْوةُ؛ وَلُغَةٌ ثَانِيَةٌ: هَأْ يَا رَجُلُ، وهاءَا بِمَنْزِلَةِ هَاعَا، وللجمع هاؤُوا، وللمرأَة هَائِي، وَلِلتَّثْنِيَةِ هاءَا، وَلِلْجَمْعِ هَأْنَ، بِمَنْزِلَةِ هَعْنَ؛ وَلُغَةٌ أُخرى: هاءِ يَا رَجُلُ، بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ، وَلِلْاثْنَيْنِ هائِيا، وللجمع هاؤُوا، وللمرأَة هَائِي، وَلِلثِّنْتَيْنِ هائِيا، وَلِلْجَمْعِ هائِينَ، قَالَ: وإِذا قلتُ لَكَ هاءَ قلتَ مَا أَهاءُ يَا هَذَا، وَمَا أَهاءُ أَي مَا آخُذُ وَمَا أُعْطِي، قَالَ: ونحوَ ذَلِكَ قَالَ الْكِسَائِيُّ، قَالَ: وَيُقَالُ هاتِ وهاءِ أَي أَعْطِ وَخُذْ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

وَفِي أَيامِ هاتِ بهاءِ نُلْفَى، ... إِذا زَرِمَ النَّدَى، مُتَحَلِّبِينا

قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ هاكَ هَذَا يَا رَجُلُ، وَهَاكُمَا هَذَا يَا رجُلان، وهاكُمْ هَذَا يَا رجالُ، وهاكِ هَذَا يَا امرأَةُ، وهاكُما هَذَا يَا امْرأَتان، وهاكُنَّ يَا نِسْوةُ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ هاءَ يَا رَجُلُ، بِالْفَتْحِ، وهاءِ يَا رَجُلُ بِالْكَسْرِ، وهاءَا لِلْاثْنَيْنِ فِي اللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا بِالْفَتْحِ، وَلَمْ يَكْسِروا في الاثنين، وهاؤُوا فِي الْجَمْعِ؛ وأَنشد:

قُومُوا فَهاؤُوا الحَقَّ نَنْزِلْ عِنْدَه، ... إِذْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ عَليْنا مَفْخَرُ

وَيُقَالُ هاءٍ، بِالتَّنْوِينِ؛ وَقَالَ:

ومُرْبِحٍ قالَ لِي: هاءٍ فَقُلْتُ لَهُ: ... حَيَّاكَ رَبِّي لَقدْ أَحْسَنْتَ بِي هَائِي «٣»

قَالَ الأَزهري: فَهَذَا جَمِيعُ مَا جَازَ مِنَ اللُّغَاتِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وأَما الْحَدِيثِ الَّذِي جاءَ فِي الرِّبا:

لَا تَبيعُوا الذَّهَبَ بالذَّهبِ إِلَّا هاءَ وَهَاءَ

، فَقَدِ اختُلف فِي تَفْسِيرِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَن يَقُولَ كلُّ وَاحِدٍ مِنَ المُتَبايِعَيْن هاءَ أَي خُذْ فيُعْطِيه مَا فِي يَدِهِ ثُمَّ يَفْترقان، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ هاكَ وهاتِ أَي خُذْ وأَعْطِ، قَالَ: وَالْقَوْلُ هُوَ الأَولُ. وَقَالَ الأَزهري فِي مَوْضِعٍ آخَرَ:

لَا تَشْتَرُوا الذَّهب بالذَّهب إِلَّا هاءَ وَهَاءَ

أَي إِلَّا يَداً بيدٍ، كما جاء في حديث الْآخَرِ يَعْنِي مُقابَضةً فِي الْمَجْلِسِ، والأَصلُ فِيهِ هاكَ وهاتِ كَمَا قَالَ:

وجَدْتُ الناسَ نائِلُهُمْ قُرُوضٌ ... كنَقْدِ السُّوقِ: خُذْ مِنِّي وهاتِ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَصحاب الْحَدِيثِ يَرْوُونَهُ هَا وَهَا، ساكنةَ الأَلف، وَالصَّوَابُ مَدُّها وفَتْحُها لأَن أَصلها هاكَ أَي خُذْ، فحُذفَت الْكَافُ وعُوِّضت مِنْهَا الْمُدَّةُ وَالْهَمْزَةُ، وَغَيْرُ الْخَطَّابِيِّ يُجِيزُ فِيهَا السُّكُونَ عَلَى حَذْفِ العِوَضِ وتَتَنزَّلُ مَنْزِلةَ هَا الَّتِي لِلتَّنْبِيهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عُمَرَ لأَبي مُوسَى، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: هَا وإِلَّا جَعَلْتُكَ عِظةً

أَي هاتِ منْ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى قَوْلِكَ. الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ فِي الْاسْتِفْهَامِ إِذا كَانَ بِهَمْزَتَيْنِ أَو بِهَمْزَةٍ مُطَوَّلَةٍ بِجَعْلِ الْهَمْزَةِ الأُولى هاء، فيقال


(٣). قوله [ومربح] كذا في الأَصل بحاء مهملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>