وحرفُ النَّفْي، وإِنما تُدْخِلُها عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُسْتَقِلَّةِ، فَتَقُولُ: مَا قامَ زَيْدٌ وَهَلْ زيدٌ أَخوك، فَلَمَّا قَوِيَت يَا فِي نَفْسِهَا وأَوْغَلَتْ فِي شَبَهِ الْفِعْلِ تَوَلَّتْ بِنَفْسِهَا الْعَمَلَ؛ وقولُه أَنشده أَبو زَيْدٍ:
فخَيْرٌ نَحْنُ عِنْدَ الناسِ مِنْكُم، ... إِذا الدَّاعِي المُثَوِّبُ قالَ: يا لا
قَالَ ابْنُ جِنِّي: سأَلني أَبو عَلِيٍّ عَنْ أَلف يَا مِنْ قَوْلِهِ فِي قافِيةِ هذا البيت يا لا فَقَالَ: أَمُنْقَلِبةٌ هِيَ؟ قلتُ: لَا لأَنها فِي حَرْفٍ أَعني يَا، فَقَالَ: بَلْ هِيَ مُنْقَلِبَةٌ، فَاسْتَدْلَلْتُ عَلَى ذَلِكَ، فَاعْتَصَمَ بأَنها قَدْ خُلِطَتْ بِاللَّامِ بعدَها ووُقِفَ عَلَيْهَا فَصَارَتِ اللَّامُ كأَنها جُزْءٌ مِنْهَا فَصَارَتْ يَالَ بِمَنْزِلَةِ قَالَ، والأَلف فِي مَوْضِعِ الْعَيْنِ، وَهِيَ مَجْهُولَةٌ فَيَنْبَغِي أَن يُحكم عَلَيْهَا بِالِانْقِلَابِ عَنْ واوٍ، وأَرادَ يالَ بَني فُلانٍ وَنَحْوَهُ. التَّهْذِيبُ: تَقُولُ إِذا نادَيْتَ الرجلَ آفُلانُ وأَ فلان وَآيَا فُلانُ، بالمدِّ، وَفِي يَاءِ النِّداء لُغَاتٌ، تَقُولُ: يَا فلانُ أَيا فلانُ آيَا فلانُ أَفلانُ هَيا فلانُ، الْهَاءُ مُبَدَلَةٌ مِنَ الْهَمْزِ فِي أَيا فُلَانُ، وَرُبَّمَا قَالُوا فلانُ بِلَا حَرْفِ النِّدَاءِ أَي يَا فلانُ. قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: فِي حُرُوفِ النِّدَاءِ ثَمَانِيَةُ أَوجه: يا زَيْدُ ووا زَيْدُ وأَ زَيْدُ وأَيا زَيْدُ وهَيا زَيْدُ وأَيْ زَيْدُ وَآيَا زَيْدُ وزَيْدُ؛ وأَنشد:
أَلم تَسْمَعي، أَيْ عَبْدُ، فِي رَوْنَقِ الضُّحى ... غِناءَ حَماماتٍ لَهُنَّ هَدِيلُ؟
وَقَالَ:
هَيا أُمَّ عَمْرٍو، هَلْ ليَ اليومَ عِنْدَكُمْ، ... بَغَيْبَةِ أَبْصارِ الوُشاةِ، رَسُولُ؟
وَقَالَ:
أَخالِدُ، مَأْواكُمْ لِمَنْ حَلَّ واسِع
وَقَالَ:
أَيا ظَبْيةَ الوَعْساءِ بَيْنَ حُلاحِلٍ
التَّهْذِيبُ: ولِلْياءَاتِ أَلْقابٌ تُعْرَفُ بِهَا كأَلقابِ الأَلِفات: فَمِنْهَا يَاءُ التأْنيث فِي مِثْلِ اضْرِبي وتَضْرِبِين وَلَمْ تَضْرِبي، وَفِي الأَسْماء يَاءُ حُبْلى وعَطْشى، يُقَالُ هُمَا حُبْلَيانِ وعَطْشَيانِ وجُمادَيانِ وَمَا أَشبهها، وَيَاءُ ذِكْرى وسِيما؛ وَمِنْهَا يَاءُ التَّثنية وَالْجَمْعُ كَقَوْلِكَ رأَيتُ الزَّيْدَيْنِ وَفِي الْجَمْعِ رأَيتُ الزَّيْدِينَ، وَكَذَلِكَ رأَيت الصَّالِحَيْن والصَّالِحِينَ والمُسْلِمَيْن والمُسْلِمِينَ؛ وَمِنْهَا يَاءُ الصِّلة فِي الْقَوَافِي كَقَوْلِهِ:
يَا دارَ مَيَّة بالعَلْياء فالسَّنَدِي
فَوَصَلَ كَسْرَةَ الدَّالِ بِالْيَاءِ، وَالْخَلِيلُ يُسميها يَاءَ التَّرنُّم، يَمُدُّ بِهَا القَوافي، وَالْعَرَبُ تَصِلُ الكَسرة بِالْيَاءِ؛ أَنشد الْفَرَّاءُ:
لَا عَهْدَ لِي بِنِيضالِ، ... أَصْبَحْتُ كالشَّنِّ الْبَالِي
أَراد: بنِضال؛ وَقَالَ:
عَلَى عَجَلٍ مِنِّي أُطَأْطِئُ شِيمالي
أَراد: شِمالي فَوَصَلَ الْكَسْرَةَ بِالْيَاءِ؛ وَمِنْهَا يَاءُ الإِشْباع فِي المَصادِر وَالنُّعُوتِ كَقَوْلِكَ: كاذَبْتُه كِيذَابًا وضارَبْته ضِيراباً أَراد كِذاباً وضِراباً، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَرادوا أَن يُظْهِروا الأَلف الَّتِي فِي ضارَبْتُه فِي الْمَصْدَرِ فَجَعَلُوهَا يَاءً لكَسْرةِ مَا قَبْلها؛ وَمِنْهَا ياءُ مِسْكِينٍ وعَجِيب، أَرادوا بِنَاءَ مِفْعِلٍ وَبِنَاءَ فَعِلٍ فأَشْبَعُوا بِالْيَاءِ، وَمِنْهَا الياءُ المُحَوَّلةُ مِثْلَ يَاءِ الْمِيزَانِ والمِيعاد وقِيلَ ودُعِيَ ومُحِيَ، وَهِيَ فِي الأَصل وَاوٌ فَقُلِبَتْ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا؛ وَمِنْهَا ياءُ النِّدَاءِ كَقَوْلِكَ يَا زَيْدُ، وَيَقُولُونَ أَزَيْدُ؛ وَمِنْهَا يَاءُ الاسْتِنْكار كَقَوْلِكَ: مَرَرْتُ بالحَسَن، فَيَقُولُ المُجِيبُ مُسْتَنْكِراً لِقَوْلِهِ: أَلحَسَنِيهْ، مدَّ النُّونَ بِيَاءٍ وأَلْحَقَ بِهَا هَاءَ الْوَقْفَةِ؛ وَمِنْهَا يَاءُ