وأَنشد بَعْضُهُمْ:
مَا للظَّلِيم عاكَ كَيْفَ لَا يَا ... يَنْقَدُّ عَنْهُ جِلْدُه إِذا يَا
يُذْرى الترابُ خَلْفَه إِذْ رَايَا
أَراد: كَيْفَ لَا يَنْقَدُّ جِلْدُه إِذا يُذْرى الترابُ خَلْفَهُ؛ وَمِنْهَا يَاءُ الجزْمِ المُنْبَسِط، فأَمّا يَاءُ الجزْم المُرْسَل فَكَقَوْلِكَ أَقْضي الأَمْرَ، وتُحْذَفُ لأَن قبْلَ الْيَاءِ كَسْرَةً تخلُف مِنْهَا، وأَما يَاءُ الجَزْم المُنْبَسِط فَكَقَوْلِكَ رأَيتُ عبدَيِ اللَّهِ وَمَرَرْتُ بعبدَيِ اللهِ، لَمْ يَكُنْ قَبْلَ الْيَاءِ كَسْرَةً فَتَكُونُ عِوَضاً مِنْهَا فَلَمْ تَسْقُط، وكُسِرت لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَلَمْ تَسْقُط لأَنه لَيْسَ مِنْهَا خَلف. ابْنُ السِّكِّيتِ: إِذَا كَانَتِ الْيَاءُ زَائِدَةً فِي حَرف رُباعيّ أَو خُماسِيٍّ أَو ثُلاثِيٍّ فالرُّباعِيُّ كالقَهْقَرى والخَوْزَلى وبعيرٌ جَلْعَبى، فإِذا ثَنَّتْه العربُ أَسْقَطَتِ الْيَاءَ فَقَالُوا الخَوْزلانِ والقَهْقَرانِ، وَلَمْ يُثْبِتوا الْيَاءَ فَيَقُولُوا الخَوْزَليانِ وَلَا القَهْقَريانِ لأَن الحرفَ كُرّرَ حُروفه، فَاسْتَثْقَلُوا مَعَ ذَلِكَ جَمْعَ الْيَاءِ مَعَ الأَلف، وَذَلِكَ أَنهم يَقُولُونَ فِي نَصْبِه لَوْ ثُنِّي عَلَى هَذَا الخَوْزَلَيَيْن فَثَقُلَ وَسَقَطَتِ الْيَاءُ الأُولى، وَفِي الثُّلَاثِيِّ إِذا حُرِّكَتْ حُرُوفُهُ كُلُّهَا مِثْلَ الجَمَزَى والوَثَبى، ثُمَّ ثَنَّوْه فَقَالُوا الجَمَزانِ والوَثَبانِ ورأَيت الجَمَزَيْن والوَثَبَيْنِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: مَا لَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ ياءَانِ كتَبْتَه بِالْيَاءِ للتأْنِيث، فَإِذَا اجْتَمَع الياءَانِ كتَبْت إِحْدَاهُمَا أَلفاً لِثقلِهما. الْجَوْهَرِيُّ: يَا حَرْفٌ مِن حُروف الْمُعْجَمِ، وَهِيَ مِنْ حُرُوفِ الزِّيادات ومِن حُرُوفِ المدِّ واللِّين، وَقَدْ يُكْنَى بِهَا عَنِ المُتَكَلِّم المَجْرورِ، ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى، نَحْوَ قَوْلِكَ ثَوْبي وغُلامي، وَإِنْ شئتَ فَتَحْتَها، وَإِنْ شِئْتَ سَكَّنْت، وَلَكَ أَن تَحْذِفَها فِي النِّداء خَاصَّةً، تَقُولُ: يَا قوْمِ وَيَا عِبادِ، بِالْكَسْرِ، فإِن جاءتْ بعدَ الأَلف فَتَحْتَ لَا غيرُ نَحْوِ عَصايَ ورَحايَ، وَكَذَلِكَ إنْ جاءتْ بَعْدَ يَاءِ الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ؛ وأَصله بمُصْرخِيني، سَقَطَتِ النونُ للإِضافةِ، فَاجْتَمَعَ الساكِنانِ فحُرِّكَت الثانيةُ بِالْفَتْحِ لأَنها يَاءُ المُتكلم رُدَّت إِلى أَصْلِها، وكَسَرَها بعضُ القراءِ تَوَهُّماً أَنّ السَّاكِنَ إِذا حُرِّكَ حُرِّكَ إِلى الْكَسْرِ، وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ، وَقَدْ يُكْنَى بِهَا عَنِ المُتكلم الْمَنْصُوبِ إِلا أَنه لَا بُدَّ لَهُ مِنَ أَن تُزاد قَبْلَهَا نُونُ وِقَايَةٍ لِلْفِعْلِ ليَسْلَم مِنَ الجَرِّ، كَقَوْلِكَ: ضَرَبَني، وَقَدْ زِيدَتْ فِي الْمَجْرُورِ فِي أَسماء مَخْصُوصةٍ لَا يُقاسُ عَلَيْهَا نَحْوَ مِنِّي وعَنِّي ولَدُنِّي وقَطنْي، وَإِنَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ ليَسلم السُّكون الَّذِي بُنيَ الاسمُ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَكُونُ الْيَاءُ عَلَامَةً للتأْنيث كَقَوْلِكَ: إِفْعَلي وأَنتِ تَفْعَلِينَ، قَالَ: ويا حَرْفٌ يُنادى بِهِ القَريبُ والبَعِيدُ، تَقُولُ: يَا زَيْدُ أَقْبِلْ؛ وقولُ كُلَيْبِ بْنِ ربِيعةَ التَّغْلَبي:
يَا لَكِ منْ قُبَّرةٍ بمَعْمَرِ، ... خَلا لَكِ الجوُّ فَبِيضِي واصْفِري
فَهِيَ كَلِمَةُ تَعْجُّبٍ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الْيَاءُ حرفُ هِجَاءٍ وَهُوَ حَرْفٌ مَجْهُور يَكُونُ أَصْلًا وبَدلًا وَزَائِدًا، وتَصْغيرها يُوَيَّةٌ. وَقَصِيدَةٌ واوِيَّةٌ إِذا كَانَتْ عَلَى الْوَاوِ، وياوِيَّةٌ عَلَى الْيَاءِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: ياوِيَّةٌ ويائِيةٌ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ أَخَواتُها، فأَما قَوْلُهُمْ يَيَّيْتُ يَاءً فَكَانَ حُكْمُهُ يَوَّيْت وَلَكِنَّهُ شَذَّ. وَكَلِمَةٌ مُيَوّاةٌ مِنْ بَنَاتِ الْيَاءِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: مَوَيَّاةٌ أَي مَبْنية مِنْ بَنَاتِ الْيَاءِ؛ قَالَ: فإِذا صَغَّرْتَ الْيَاءَ قُلْتَ أُيَيَّةٌ. وَيُقَالُ: أَشْبَهَتْ ياؤكَ يَائِي وأَشْبهت يَاءَكَ بِوَزْنِ ياعَكَ، فإِذا ثَنَيْتَ قُلْتَ ياءَىَّ بِوَزْنِ ياعَيَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute