للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كأَنه يَنْفِي بِذَلِكَ الحِنْثَ الَّذِي هُوَ الْإِثْمُ، عَنْ نَفْسِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ، أَي انْفِ الهُجودَ عَنْ عَيْنك؛ ونظيرُه: تَأَثَّم وتَحَوَّب أَي نَفَى الإثمَ والحُوبَ؛ وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ ثَاءُ يَتَحَنَّثُ بَدَلًا مِنْ فَاءِ يَتَحَنَّف. وَفُلَانٌ يَتَحَنَّثُ مِنْ كَذَا أَي يَتَأَثَّم مِنْهُ؛ ابْنُ الأَعرابي: قَوْلُهُ يَتَحَنَّثُ أَي يَفْعَلُ فِعْلًا يَخْرُج بِهِ مِنَ الحِنْث، وَهُوَ الْإِثْمُ والحَرَجُ؛ وَيُقَالُ: هُوَ يَتَحَنَّثُ أَي يَتَعَبَّدُ لِلَّهِ؛ قَالَ: وَلِلْعَرَبِ أَفعال تُخالِفُ مَعَانِيهَا أَلفاظَها، يُقَالُ: فُلَانٌ يَتَنَجَّس إِذا فَعَلَ فِعْلًا يَخْرُج بِهِ مِنَ النَّجَاسَةِ، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ يَتَأَثَّم ويَتَحَرَّج إِذا فَعَلَ فِعْلًا يَخْرُجُ بِهِ مِنَ الإِثم والحَرَج. وَرُوِيَ

عَنْ حَكِيم بْنِ حِزامٍ أَنه قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرأَيْتَ أُمُوراً كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صلَةِ رحِمٍ وصَدَقةٍ، هَلْ لِي فِيهَا مِنْ أَجْر؟ فَقَالَ لَهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَسْلمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْر

؛ أَي أَتَقَرَّب إِلى اللَّهِ بأَفعال فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: كنتُ أَتَحَنَّثُ أَي أَتَعَبَّدُ وأُلقي بِهَا الحِنْثَ أَي الإِثم عَنْ نَفْسِي. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ الَّذِي يَخْتَلِفُ الناسُ فِيهِ فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: مُحْلِفٌ، ومُحْنِثٌ. والحِنْثُ: الرجوعُ فِي الْيَمِينِ. والحِنْثُ: المَيْلُ مِنْ بَاطِلٍ إِلى حقٍّ، وَمِنْ حَقٍّ إِلى بَاطِلٍ. يُقَالُ: قَدْ حَنِثْتُ أَي مِلْتُ إِلى هَواكَ عَليَّ، وَقَدْ حَنِثْتُ معَ الْحَقِّ عَلَى هَوَاكَ؛ وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ: وَلَا أَتَحَنَّثُ إِلى نَذْرِي

أَي لَا أَكْتَسِبُ الحِنْثَ، وَهُوَ الذَّنْبُ، وَهَذَا بِعَكْسِ الأَول؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

يَكْثُر فِيهِمْ أَولادُ الحِنْثِ

أَي أَولادُ الزِّنَا، مِنَ الحِنْث الْمَعْصِيَةُ، وَيُرْوَى بالخاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ.

حنبث: حَنْبَثٌ: اسم.

حوث: حَوْثُ: لُغَةٌ فِي حَيْثُ، إِما لُغَةُ طَيِّئٍ وإِما لُغَةُ تَمِيمٍ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ لُغَةُ طَيِّئٍ فَقَطْ، يَقُولُونَ حَوْثُ عبدُ اللهِ زيدٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ أَعلمتك أَن أَصل حَيْثُ؛ إِنما هُوَ حَوْثُ، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي تَرْجَمَةِ حَيْثُ؛ وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ حَوْثَ فَيَفْتَحُ، رَوَاهُ اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ، كَمَا أَن مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: حَيْثَ. رَوَى

الأَزهري بإِسناده عَنِ الأَسود قَالَ: سأَل رَجُلٌ ابنَ عُمَرَ: كَيْفَ أَضَعُ يَدَيَّ إِذا سَجَدْتُ؟ قَالَ: ارْمِ بِهِمَا حَوْثُ وقَعَتا

؛ قَالَ الأَزهري: كَذَا رَوَاهُ لَنَا، وَهِيَ لُغَةٌ صَحِيحَةٌ. حَيْثُ وحَوْثُ: لُغَتَانِ جَيِّدَتَانِ، وَالْقُرْآنُ نَزَلَ بِالْيَاءِ، وَهِيَ أَفصح اللُّغَتَيْنِ. والحَوْثاءُ: الكَبِدُ، وَقِيلَ: الكَبِدُ وَمَا يَلِيهَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

إِنَّا وجَدْنا لَحْمها طَرِيَّا: ... الكِرْشَ، والحَوْثاء، والمَرِيَّا

وامرأَة حَوْثاء: سَمِينَةٌ تارَّة. وأَحاثَهُ: حَرَّكَه وفَرَّقه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ دُرَيْدٍ:

بحيثُ ناصَى اللِّمَمَ الكِثاثا، ... مَوْرُ الكَثِيبِ، فَجَرى وَحَاثَا

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُفَسِّرْهُ، قَالَ: وَعِنْدِي أَنه أَراد وأَحاثا أَي فَرَّقَ وحَرَّكَ، فَاحْتَاجَ إِلى حَذْفِ الْهَمْزَةِ فَحَذَفَهَا؛ قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُرِيدَ وحَثَا، فقَلَبَ. وأَوقع بِهِمْ فلانٌ فَتركهم حَوْثاً بَوثاً أَي فَرَّقهم؛ وَتَرَكَهُمْ حَوْثاً بَوْثاً أَي مُخْتَلِفِينَ. وحاثِ باثِ، مَبْنِيَّانِ عَلَى الْكَسْرِ: قُماشُ النَّاسِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: تركتُه حاثِ باثِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا عَلَى أَلف حاثِ أَنها مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْوَاوِ، وإِن لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>