للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا أمير المؤمنين ليس هذا حين بكاء.

قُلتُ: زاد في الرواية: إنما هو يوم شكر.

ابن حبيب معها: وقال عمر: والله ما فتح هذا على قوم إلا قطعوا أرحامهم، وسفكوا دماءهم، ووقعت العداوة بينهم.

قُلتُ: لعله تفرس نتيجة وهذه، أو أخذه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه أبو عبيدة بجزية مجوس البحرين: "والله ما أخاف عليكم الفقر، ولكني أخاف عليكم الغنى أن تبسط لكم الدنيا كما انبسطت لمن كان قبلكم، فتنافسوا فيها، فتهلككم كما أهلكتهم".

قال ابن حبيب: وكان في المال تاج كسرى وسواراه وفروه، فدعا عمر سراقة بن جعشم، وكان طويلاً طويل الشعر، فألبسه فرو كسرى، ووضع تاجه على رأسه وسواريه في يديه، ثم قال: اللهم لك الحمد أنت سلبت هذا كسرى وألبسته سراقة، اللهم منعت هذا نبيك إكراماً له، وفتحته علي لتسألني عنه، اللهم قني شره، واجعلني أنفقه في حقه، وأمر سراقة، فنبذ ذلك في المال، فما برح حتى لم يبق منه شيء.

قال مالك: كان عمر رضي الله عنه: لا يأتيه مال إلا أظهره، ولا رسول إلا أنزله، وكان يقسم للنساء حتى إن كان ليعطيهن المسك والورس.

قال حذيفة: لم يزل أمركم ينمو صعداً ما كان عليكم خياركم، وكان عمر يستجيد الحلل الرفيعة بخمسمائة إلى ألفين يكسوها الصحابة، ويلبس الخشن المرقع، فخرج الحسن والحسين إلى المسجد وعمر جالس ولم يلبساها، فقال: لم لا تلبسانها؟ فقالا: كبرت علينا يا أمير، فاغتم وأسرع بكتاب إلى عامل اليمن يستحثه في حلتين على قدرهما، فبعث بهما، فكساهما ذلك، وجعل عطاءهما مثر عطاء أبيهما.

ابن حبيب: الحلة رداء ومئزر، ورداء وجبة، لا ثوب واحد.

قال: ولما كثر المال دون للعطاء ديواناً فاضل فيه بين الناس، أمر شباب قريش

<<  <  ج: ص:  >  >>