بتدوينه، فكتبوا بني هاشم، ثم الصديق وقومه، ثم عمر وقومه، فلما نظره قال: ابدؤوا بقرابته صلى الله عليه وسلم، ثم بالأقرب فالأقرب منه حتى تضعوا عمر حيث وضعه الله، وابدؤوا من الأنصار بسعد بن معاذ، والأقرب فالأقرب منه، فقال العباس: وصلتك رحم يا أمير المؤمنين، فقال له: يا أبا الفضل: لولا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكانه الذي وضعه الله به كنا كغيرنا من العرب، إنما تقدمنا بمكاننا منه، فإن لم نعرف لأهل القرابة منه قرابتهم لم تعرف لنا قرابتنا، وقال لأهل مشورته: أشيروا علي، أريد أن أفاضل بين الناس، فقالوا: اذكر ما تريد، فإن كان حسناً تابعناك، وإلا أعلمناك برأينا.
قال: أبدأ بأزواجه صلى الله عليه وسلم، فأفرض لكل واحدة اثني عشر ألف درهم إلا صفية وجويرية أفرض لكل واحدة منهما شطر ذلك، ولكل رجل من آله صلى الله عليه وسلم اثني عشر ألفاً، ولكل رجل من المهاجرين صلبية وحلفاً ومولىً خمسة آلاف، وأنا رجل منهم في الفرض، وأفرض لأهل بدر من قريش وغيرهم صلبية وحلفاً ومولى مثل ذلك.
قُلتُ: كل قرشي بدري مهاجر؛ فيكون له عطاءان، وأفرض للأنصار صلبية وحلفاً ومولى لكل رجل أربعة آلاف، ثم أفرض للناس بقدر منازلهم في الإسلام أجعل أكثرهم حظاً أكثرهم قرآناً وعلماً، وأحسنهم حالاً، فلم ينكروا من رأيه شيئاً، وفرض لصهيب خمسة آلاف، ولسلمان أربعة آلاف، ولابنه عبد الله ثلاث آلاف، ولأسامة بن زيد ثلاثة آلاف وخمسمائة، فقال ابنه: ليس أسامة أقدم مني إسلاماً، ولا شهد ما شهدت، فقال عمر: كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، وأبوه أحب إليه من أبيك، وفرض لأبناء شهداء بدر وأحد ثلاثة آلاف لكل رجل، ولكل من مهاجرة الفتح ألفين، ثم فرض للقبائل على قدر منازلهم في الإسلام حتى فرض لربيعة العراق ثلاثمائة لعربيهم، ومائتين وخمسين لمولاهم؛ لأن عربهم سبقوا إلى الإسلام.
قال: فقالت ربيعة: جعلتنا أوضع العرب فريضة.
قال: كنتم آخر العرب إسلاماً، وأسلمتم في داركم، ولم تهاجروا، وفرض للمنفوس مائة درهم في السنة، وفرض للعيال لكل ذكر وأنثى جريبتين من بر في كل شهر، وقسطين من زيت، وقسطين من خل، ومائة درهم كل سنة.