قُلتُ: فيها: لابن القاسم: قال مالك: مر عمر رضي الله عنه ليلة، فسمع صبياً يبكي، فقال لأهله: ما لكم لا ترضعونه، فقالوا: إن عمر لا يفرض للمنفوس حتى يفطم ففطمناه، فولى عمر قائلاً: كدت والله أن أقتله، ففرض للمنفوس من يومئذ مائة درهم.
ابن القاسم: ويبدأ بالمنفوس الفقير والده.
قال: وذكر مالك أن عمر رضي الله عنه كتب إلى عمرو بن العاص وهو بمصر زمن الرمادة وبلغني أنها كانت ست سنين: واغوثاه ثلاثاً، فكتب له عمرو: لبيك لبيك لبيك، فكان يبعث إليه بالسعير عليها الدقيق في العباء، فكان عمر يدفع البعير بحمله لأهل البيت يقول: كلوا دقيقة، والتحفوا العباء، وانحروا البعير، فائتدموا بشحمه، وكلوا لحمه.
ابن حبيب: لما ولي عمر لم يكفه الدرهمان، فزادوه درهمين، فلما فرض للعيال فرض لعياله، وترك الأربعة دراهم، وكان يكتسي من بيت المال، ويأخذ عطاءه مع أصحابه، ثم ترك ذلك، وجعل طعامه من خالص ماله، فلما احتضر أمر بحصر ما أخذ من بيت المال، فوجد أربعة وثمانين ألفاً، فأمر ابنه عبد الله أن يقضيها من صلب ماله، فإن لم يفِ؛ فليستعن ببني عدي، فباع من ماله بعده بمثل ذلك، وأتى به عثمان فقال: قبلناها منك ووصلناك بها.
قال: لا حاجة لي أن تصلني بأمانة عمر، وولي عثمان.
قال الحسن: فأقام للناس كما فعل عمر، فكان العطاء داراً والعدو منفي، وما على الأرض مؤمن يخاف مؤمناً أن يسل عليه سيفاً.
قال ابن سيرين: كثر المال أيامه حتى بيعت جارية بوزنها، وفرس بمائة ألف درهم.
قال ابن حبيب: وكان على منهاج من قبله في النفقة من ماله قصداً وتنزهاً.
قال: وولي علي رضي الله عنه فسار في قسم المال بالعراق سيرة عمر غير أنه لم يفاضل بين الناس.
قال: وأخبره صاحب بيت ماله بأنه امتلأ من صفراء وبيضاء، ففتحه، ثم قسمه بين الناس وأمر بكنسه، وتنزه أن ينفق من مال الله شيئاً، وقال: قال صلى الله عليه وسلم: "ليس لخليفة