وسمع سحنون ابن القاسم: إن قالت حرة تحت مكاتب بعد سنين: لم أعلم حين نكحته أنه مكاتب؛ حلفت على ذلك ولها الخيار، ومن العبيد من هو في حاله، وتجره، ومنظره كحر، وهي امرأة في خدرها لا تعلم ذلك.
ابن رشد: تحلف إن ادعى علمها ذلك اتفاقًا، وتفارقه ولها المسمى بالمسيس، وهذه أقوى في إيجاب اليمين ممن قام بعيب في سلعة، فأراد البائع أن يحلفه ما علم بالعيب، ولم يدع أنه أعلمه به؛ فلا يدخل في هذه ما في مسألة العيب من الخلاف، وإن لم يدع علمها، وطلب تحليفها؛ تخرجت على الخلاف في يمين التهمة.
وقال ابن كنانة: إن تزوجها ببلده الذي يعرف به، وأمر كتابته فيه ظاهر معروف؛ لم يقبل قولها ما علمت ذلك؛ إنما يقبل قولها، وتصدق إن تزوجها بغير بلده، ولو كانت مكاتبة أو أمة وادعت أنها تزوجته، وهي تظن أنه حر؛ لم يكن لها شيء إلا أن تدعي أنه أخبرها أنه حر، وتزوجته على ذلك، فيحلف، فإن نكل؛ حلفت، وكان لها الخيار.
قلت: نحوه للشيخ والصقلي عن الموازية.
زاد عن أصبغ: ولا ينفعها إن قال: ظننت أن المكاتب حر.
وعن ابن حبيب: ولا إن قالت: جهلت أن لي الخيار.
وسمع ابن القاسم: إن تزوج عبد أبق ببلدة حرة، وقال لها بعد عشرين ليلة: إني عبد؛ فلا تخبري أحدًا؛ فأقامت معه، ثم ظهر عليه سيده، فأقر نكاحه، فعلم أبوها ذلك فقال: لك الخيار، فقالت: اشهدوا أني طلقت نفسي، فقال لها زوجها: ليس لك ذلك قد كنت علمت ذلك، فأقرت بذلك؛ أرى له أن يطلقها؛ لأنها طلقت نفسها، وما أقرت به لا أدري ما هو كأنه ضعفه.
ابن رشد: لا تصدق في إقرارها أنها علمت ذلك قبل طلاقها إياه؛ إذ لا بينة به، فتتهم على إرادة البقاء معه بعد طلاقها إياه، واستحبابه للزوج أن يطلقها إن علم صدقها فيما أقرت به؛ لتكون في سعة من نكاح غيره؛ إذ لا يجوز لها نكاح غيره على ما أقرت به؛ لأنها زوجه له؛ ولا يباح له البقاء معها؛ لما ظهر من طلاقها إياه، ولا أن يتزوجها قبل زوج إن كانت فارقته بثلاث، فطلاقه إياها لا يضره وينفعها.