للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: مقتضى هذا التقرير وجوب طلاقه إياها إن كانت طلقتها إياه طلقة الثلاث أو ما دونها، ولم يرض بتزويجها مع رضاها به؛ لأن عدمه يوجب عليها ضرر منعها من تزويج غيره، ولا منفعة له في عدم طلاقها، ولا ضرر يلحقه به قياسًا على قاعدة وجوب ارتكاب أخف الضررين قياسًا أحرويًا، وعلى ما قاله ابن رشد في أجوبته: إذا تعارض ضرران؛ وجب رفع أشدهما، وعلى منصوص المذهب فيمن انهارت بئره، وخيف على زرعه التلف من العطش، ولجاره ماء هو غني عنه؛ أنه يجبر على إعطائه إياه.

وسمع أبو زيد ابن القاسم: من تزوج على أنه قرشي، أو من فخذ من العرب، فوجد من غيره، إن كان مولًى؛ فلها فراقه إن كان عربيةً، وإن كان عربيًا من غير القبيل الذي سمى؛ فلا خيار لها إلا أن تكون قرشية تزوجته على أنه قرشي، فإذا هو عربي أو تكون عربية تزوجته على ادعائه؛ فذلك لها.

ابن رشد: قوله هذا مضطرب؛ لأن قوله أولًا: إن كانت عربية؛ يدل على أنها إن كانت مولاة تزوجته على أنه قرشي أو عربي، فوجد مولى؛ فلا خيار لها، وإن كانت عربية تزوجته على أنه قرشي، فوجد عربيًا، فلا خيار لها، فلم ير لها على هذا خيارًا بشرطها إلا أن يوجد أدنى منها؛ ككونها عربية تزوجته على أنه عربي أو قرشي، فوجدته مولى، أو تكون قرشية تزوجته على أنه قرشي، فوجد مولى أو عربيًا.

وقوله أخيرًا: أو تكون عربية تزوجته على ادعائه؛ يريد: على أنه قرشي، فوجد عربيًا أن لها الخيار؛ خلاف قوله أولًا؛ إذ جعل لها الخيار إذا وجدته أدنى مما شرطت، وإن كان مثلها، ولم يجعل لها أولًا خيارًا إلا أن يوجد أدنى منها، ويلزم على قوله أخيرًا: إن كانت مولاة تزوجته على أنه قرشي، فوجد عربيًا أو مولى أو على أنه عربي، فوجد مولى أن لها الخيار، وهو أظهر على قياس قولهم: من ابتاع عبدًا على أنه من جنس، فوجده من جنس أدنى منه؛ أن له رده.

فتحصيله: إن وجدته أفضل مما شرطت؛ فلا خيار لها، وإن وجدته أدنى مما شرطت، وأدنى منها؛ فلها الخيار، وإن وجدته أدنى مما شرطت وهو أرفع منها أو مثلها، ففي خيارها قولان قائمان من هذه الرواية بيناه، وإذا وجب خيارها، فاختارت قبل البناء؛ فلا شيء لها من المسمى، وإن لم تعلم حتى بنى بها، واختارت؛

<<  <  ج: ص:  >  >>