للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيسى: وبه قال ابن القاسم: ووجهه أن جهة الزوجة لما انتقل إليها الطلاق انتقل إليها العدد، وكانت جهة حرية، فكلمت فيها الثلاث.

وقد روى زياد بن جعفر: إن طلقها طلقتين؛ فهي أملك بنفسها، وهو خاطب من الخطاب؛ فلم يحرمها بالثنتين.

وروى محمد بن يحيى السبائي في أمة تحت عبد طلقها، ثم أعتقت في عدتها، فاختارت نفسها: بانت منه؛ لأن طلاق العبد ثنتان، فثبت في المسألة روايتان.

ابن زرقون: تأمل هاتين الروايتين في قول أبي الوليد فيهما نظر.

قُلتُ: أخذه الثلاث من لفظ: لها إيقاع الثلاث؛ يرد باحتمال أن يريد به البتات لا عدد الثلاث، وبتات العبد باثنتين، ويأتي من لفظ المدونة ما يؤيده، وأخذه من رواية: وهو خاطب من الخطاب؛ يرد باحتمال إرادة بعد زوج، وبأنه طلاق صدر من عبد لا من زوجته بعد عتقها، فلا يتناوله توجيهه المذكور، فإن صح ما ذكره فظاهر تحصل عليه في كون طلاق العبد الحرة ثنتين أو ثلاثاً، ثالثها: هذا إن صدر من زوجته؛ لعتقها تحته للمشهور، ورواية زياد ورواية المدنية، وظاهر نقل اللخمي، وغير واحد أن اختلاف قول مالك فيها زاد على الواحدة؛ إنما هو بعد الوقوع، وظاهر كلام الباجي وأي عمر في الكافي، وأول لفظ المتيطي أنه قبل الوقوع، وهو ظاهر لفظ البراذعي في النكاح الأول، والصواب الأول في نكاحها الأول.

قال مالك: إن طلق السيد على عبده لتزوجه بغير إذنه واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً؛ فذلك جائز.

قُلتُ: إنما طلاق العبد طلقتان، فما قول مالك: ثلاثاً؟ قال: كذلك قال، وإنما يلزم الاثنتان، ألا ترى أن في حديث زبراء قالت: ففارقته ثلاثاً، وإنما طلاقه اثنتان، فإن قلت: لفظ حديث زبراء أخف من قول مالك؛ لاحتمال أن تريد زبراء بالثلاث البتات لا عدد الثلاث، ولفظ مالك لا يقبل هذا لقوله: اثنتين أو ثلاثاً، فعطفه الثلاث على اثنتين يدل على إرادة العدد لا البتات، وإلا لزم عطف الشيء على نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>