قُلتُ: إنما قاله مالك حكاية لأمر وقع فبين حكمه، ولفظها في الأيمان بالطلاق: إن طلقت نفيها اثنتين؛ فهي اثنتان تحرم عليه حتى تنكح زوجاً غيره؛ لأن ذلك جميع طلاق العبد.
وفيها: إن عتقت وهي حائض، فاختارت نفسها أيكره ذلك؟ قال: لم أحفظه من مالك، وأكره ذلك إلا أن تختار، فيجوز ذلك لها.
وسمع عيسى ابن القاسم في كتاب التخيير: لا تختار حتى تظهر، فإن فعلت؛ جاز على الزوج، ولو أخرت وعتق زوجها قبل طهره؛ لم يقطع خيارها.
ابن رُشد: إن طلقت وهي حائض؛ لم يجبر الزوج على رجعتها؛ لأن الطلقة بائنة، وعل رواية أن له الرجعة إن عتق؛ أجبر على رجعتها.
قُلتُ: ظاهره: ولا طلاق لها بعد ذلك.
وقال اللخمي: على أنها رجعية في جبرها إشكال؛ لأن الرجعة ليست بيدها، ولا بيد الزوج؛ لأن ذلك حق عليه، فإن ارتجعها السلطان، وعادت زوجة؛ أبطال حقها في الخيار، وليس لها أن تطلق أخرى؛ لأن الطلقة التي كانت بيدها قد أوقعتها، وأرى إن جبرها السلطان وعادت زوجة أن يكون لها أن توقع أخرى، وهذه ضرورة.
قال: فإن كانت صغيرة؛ نظر السلطان بما يراه حسناً لها، وكذا السفيه إلا أن تبادر باختيار نفيها، ولو رضيت بالمقام؛ لم يلزمها على قول ابن القاسم إن لم يكن حسن النظر، ولزمها على قول أشهب.
قُلتُ: قوله: ولو رضيت بالمقام؛ يريد: الصغيرة، ويريد بقولي ابن القاسم وأشهب ما ذكره عنهما في كتاب التخيير قال فيه: اختلف إن خيرها، وهي صغيرة، فاختارت نفسها، فقال مالك: ذلك طلاق إن كانت بلغت في حالها.
قال ابن القاسم: يريد: إذا بلغت الوطء فيما أظن.
وقال أشهب وعبد الملك: ذلك خيار، وإن كانت صغيرة، وتمامها في التمليك.
ويسقط خيارها فيها بقولها: رضيت بالزوج أو بوطئه إياها بعد علمها بعتقها، ورواه محمد وقال: يعني طائعة.
اللخمي: القبلة والمباشرة كالإصابة، وكذا إن أمكنته ولم يفعل.