المازري: إن أراد مراد النظام بمسامته كل جزء من محيط دائرة مركزها وهو إمكان انطباق محيطها عليها ماسًا له للزوم كون كل جزء من محيطها ومركزها طرفي خط مستقيم فقد رده المتكلمون بأن ضيق ما بين طرف الخطوط من جهة المركز وسعته من جهة محيطه ملزوم لامتناع انطباق كل المحيط مماسًا للمركز، وإن أراد كون البيت بمرأى من كل مصل لولا البعد والحائل فمسلم، وكان كل مصل مسامتًا ببصره لا بجسمه.
قلت: مراد النظام بعيد لا يرد استفسارًا عنه والمسامتة بالبصر لولا البعد كافية؛ لأن المسامتة المطلوبة هي بحيث يكون جزء من سطح وجه المصلي ومن سمت البيت طرفي خط مستقيم، وذلك ممكن صف المصلين كالخط المستقيم الواصل بين طرفي خطين متباعدين خرجا من المركز للمحيط في جهته؛ لأن كل نقطة منه ممر لخارج من المركز للمحيط.
وصوب القرافي استشكال عز الدين تصور قولي وجوب الجهة أو السمت بأن تكليف البعيد استقبال عين البيت لا يطاق؛ بل إذا أنتج اجتهاد جهة غلب الظن بأنه وراءها وجبت إجماعًا، ووجوب جهتها إجماعًا مبطل وجوب سمتها، وبإجماعهم على صحة صلاة ذوي صف مائة ذراع، وعرض البيت خمسة فبعض الصف خارج عن سمته قطعًا، وجوابه الأول بأن معنى وجوب الجهة وجوب مقصد إن بان خطأ البيت لم يعد، ومعنى وجوب السمت وجوبها وسيلة لعين البيت إن بان خطؤه أعاد، والثاني بأن الواجب الاستقبال العادي الحاصل في نظر ذوي صف طويل بعيد عن نخلة لها لا الحقيقي؛ إذ لو قرب منها؛ بان بطلان استقبال أكثره إياها.
وزاد القرافي: أن البيت لمستقبله كمركز دائرة لمحيطها والخطوط الخارجة من مركز لمحيطه كلما قربت منه اتسعت ولا سيما في البعد.
قلت: يرد قول عز الدين بنفي لزوم تعين الجهة؛ بأنه لا يلزم من نفي استقبال العين الجهة لجواز السمت وهو مجموع البيت وهوائه، وتقدم تقرر إمكانه ودعواه الإجماع على الاكتفاء بالجهة إن أراد بقيد عدم وجوب السمت منع بنقلهم وجوبه وبدونه أعم منه فلا يدل على سقوطه، وقول القرافي:"البيت كمركز دائرة لمستقبليه"