الاختلاف جارٍ في كل فسخ، وإن كل نكاح فسخ مختلف في قدر استبرائه كاختلاف قول مالك في هذه، وهذا غلط، إنما يذهب إلى هذا من لم يبلغه فكره إلى معرفة معناهن فيفزع إلى الاستراحة من إتعاب فكره إلى التعلق بمظاهر الاختلاف فيها، ومعنى المسألة عندي أن هذا المكاتب لما اشترى زوجته صارت إلى حالة إباحة الوطء بملك اليمين، والوطء لما أبطل حكم الاعتداد كانت إباحة كذلك.
فإن قيل: قد قالوا: من خالع امرأته ثم تزوجها في العدة ثم طلقها قبل أن يدخل بها تبقي على عدتها الأولى، ولم تكن إباحتها له تقوم مقام الوطء في إسقاط حكم العدة الأولى، قيل: يحتمل أن يكون هذا القول في هذه المسألة جاريا على أحد القولين في المسألة الاولى.
وأحسب أني رأيت في هذه المسألة اختلافا أيضًا، ويحتمل أن يفرق بينهما بأن ملك اليمين منافٍ للنكاح، فكذا فيما يعلق به من الأحكام كالعدة وغيرها، فلذا لا يصح أن تكون له مباحة بملك اليمين ومعتدة من نكاحه، ولذا لا يجب لها عليه سكنى عدة.
والذي تزوج امرأة بعد ما خالعها لو طلبت منه كراء المسكن بقية عدتها وجب لها ذلك، وإن كان عليه النفقة والسكنى بحق هذا التزويج الثاني، ولو طلق زوجته الأمة قبل أن يشتريها ثلاثا ثم اشتراها لا ينبغي أن تمر في عدتها؛ لأنها غير مباحة له بهذا الملك.
فإن قيل: فيمنع أن تكون في عدة الفسوخ قولان.
قيل: لا؛ لأنه قد نص على الخلاف فيه، ولكني أمنع أن يوجد في هذه المسألة، وأن يجري في هذه عليه.
قال ابن عبد السلام في قوله: لو طلبت منه كراء المسكن بقية عدتها وجب لها نظر؛ لأنه إن أراد به كراء ماضي عدتها قبل أن يراجعها فمسلم؛ لأن ذلك دين في ذمته، والنكاح لا ينافي الدين، وإن أراد به في عدة الزوجية التي بين عقد المراجعة والطلاق الثاني فممنوع، ولأن المنافاة حاصلة، ألا ترى أن المعتدة من الطلاق البائن محرمة على زوجها في العدة، والمراجعة مباحة.
قُلتُ: قوله: إن أراد به في هذه الزوجية التي بين عقد المراجعة والطلاق.