يرد بأنه منع لما دلت القواعد الجلية على ثبوته فوجب سقوطه، وبيانه أنه لو مضى من عدة طلاقها الأول حيضة ثم راجعها أول طهرها منه ولم يبن بها حتى حاضت حيضة ثانية ثم طلقها فهي في مدة الحيضة الثانية، وهي مدة التزويج؛ إن كانت معتدة لزم صحة ما قاله ابن محرز فمنعه دون سند ساقط؛ لأنه منع لما دل الدليل على ثبوتهن وإن كانت غير معتدة لزم حل تزويجها غيره بنفس طلاقه إياها إن لم تفتقر عنده لعدة، وإن افتقرت إليها لزم ابتداؤها ثلاث حيض أو حيضتين، وكل ذلك خلاف المذهب فتأمله.
وقوله: ولأن المنافاة حاصلة الخ رد منه لقول ابن محرز؛ لأن الاعتداد من نكاحه الأول لا ينافي ما دخل فيه من النكاح الثاني، وهو المعبر عنه في كلامه بالمراجعة يوجب حليتها، والحلية منافية للحرمة.
ويرد اعتراضه هذا: بأن مراد ابن محرز بالمنافاة الكائنة بين النكاح والملك المنفية بين الاعتداد من النكاح الأول وما دخل فيه من النكاح الثاني، هي المنافاة بين الشيئين المانعة من صحة طريان أحدهما على الآخر، وهذه كائنة بين الملك والنكاح ضرورة امتناع طرو النكاح على الملك، وليست هذه المنافاة كائنة بين الحرمة اللازمة للاعتداد من نكاحه الأول، وبين مراجعته إياها ضرورة صحة ترتب مراجعتها على حرمتها باعتداده من النكاح الأول بتلك، والنصوص واضحة بتغليب حكم استصحاب ما ثبتت حرمته على حليته، ولغو احتمال رفع حرمته، وفي عبارة ابن الحاجب وغيره عن هذا المعنى هنا بالاحتياط نظر؛ لأن الاحتياط إنما هو في احتمال الحرمة والإباحة دون تقرر سبق الحرمة، فإمساك من شك في غروب الشمس ليس احتياطًا، والإمساك في أول يوم الشك احتياط منه.
نقل اللخمي في قولها في الإيمان بالطلاق: من طلق إحدى امرأتيه اللتين بنى بإحداهما، ومات قبل انقضاء العدة، وجهلت المطلقة منهما، على كل واحدة أربعة أشهر وعشر؛ لأنه مات على زوجة واحدة، ولم يعلم أيتهما هي، ولو كان الطلاق ثلاثا وعلمت المطلقة كان عليها ثلاث حيض من يوم الطلاق، وعلى الأخرى أربعة أشهر