للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتراها بعد أن عدل وعاد ممن تأخذه الأحكام وأقربها، فالشراء صحيح، وهي بيده أو بعد أن ردها، وأجاز ابن القاسم في صرفها شراء الجارية المغصوبة غاصبها إذا أقر بغصبها، وإن كانت غائبة آخر إذا وصفها؛ لأنه ضامن لها، وتعقبها سَحنون لأجل غيبتها، قال: وقول أشهب فيها أحسن وهو أن لا يجوز بيعها إلا بعد معرفتهما قيمتها فإن كانت حاضرة زال التعقب وجاز البيع إن كان حينئذ ممن تأخذه الأحكام، وعليه تحمل مسألة المدَوَّنة.

وفي ظاهره أن قول أشهب الذي مال إليه سَحنون، هو جواز بيعها نفسها بعد معرفتها بالقيمة، والذي نقل التونسي والصقلي عن سَحنون، قوله: لا يجوز بيعها؛ لأنه لا يدري ما باع الجارية أو قيمتها فإن اختار قيمتها يوم الغصب، جاز بيعها نقدًا بما يجوز بيعها به.

الصقلي: ولأنه إذا باعها وقبض ثمنها، قد تكون هلكت قبل البيع، فتلزم قيمتها وقد تكون أقل من الثمن فيرد فضله فيصير بيعًا وسلفًا، قال: وتعقب سَحنون قول ابن القاسم بناء على لزوم قيمتها، ويلزمه أن لا يجوزه الرضى، بطلبها إلا بعد معرفة قيمتها ويصير أخذها كأخذ غائب عن دين، وفيه خلاف، وقد منع ابن القاسم صلح رب شاة من سرقها، وذبحها على شاة حيَّة والمذبوحة قائمة؛ لأنه بيع لحم بشاة لقدرة رب المذبوحة على أخذها، ويلزم قول سَحنون منع أخذ شيء بدل الشاة قبل معرفة قيمتها يوم غصبت، كما قال في الجارية: وهو في الشاة آكد لجواز سقوط قيمة الجارية بإتيانها على حالها قبل إلزام الغاصب قيمتها، ولم يقله أحد، وقول بعض العراقيين إنما يجوز بيع الجارية من الغاصب بما يجوز أخذه عوضًا عن قيمتها إنما يجري على قول سَحنون، ويحتمل على قول ابن القاسم احتياطًا لاحتمال هلاكها قبل البيع.

قُلتُ: قول الصقلي تعقب سَحنون بناء على لزوم قيمتها إلى آخره، يرد بمنع كونه لذلك؛ بل بناء على احتمال لزومها في نفس الأمر ولذا قال: لا يدري هل باع الجارية أو قيمتها؟ وما ذكره من الإلزام الأول والثاني إنما هو بناء على حتم لزوم القيمة لا على احتمالها، وهو لم يقله، وإلزامه الثالث يلتزمه سَحنون، لاسيما على قاعدة من خير بين

<<  <  ج: ص:  >  >>